«حين يقتحم الرحَّالة فضاء الآخَر يكون الجسد مكوِّنًا محوريًّا من مكونات العلاقة البصرية، بَيدَ أن الجسد الرائي يكون هو نفسه جسدًا مرئيًّا. والعلاقة الغَرابية بين الجسد الشخصي وجسد الآخَر تخضع لمجموعة من المحدِّدات المتعالقة التي يتداخل فيها الأنطولوجي بالنفسي، بالأنثروبولوجي.»يتناول «فريد الزاهي» في هذا الكتاب تمثُّلاتِ الجسد في الثقافة العربية، والعلاقة مع الآخَر عبر مرآة الجسد، فيتطرَّق إلى قضية النوع؛ الذكر والأنثى والعلاقة بينهما، وتَمحوُرها حول مؤسسة الزواج، ودعم الإنتاج الفقهي لهذه العلاقة وَفقًا لقِيَم الدين وتعاليمه. ويتطرَّق أيضًا إلى قضية الألم الناجم عن العشق، فيكشف انعكاسات الحب على أجساد المحبين وما يعانونه من آلام، ومصيرَ الجنون أو الموت الذي يئول إليه بعضهم. هذا فضلًا عن تناوله قضايا أخرى، منها تصوُّرات الجسد عند المتصوِّفة، وخاصةً «ابن عربي» الذي يرى أن الجسد الأصلي الآدمي انفصم لتنجم عنه الذكورة والأنوثة، ولكي تكون المُفاضَلة الأصلية بين الذكر والأنثى عرَضية لا جوهرية. ويتخذ «الزاهي» أيضًا من الجسد بُعدًا تأويليًّا يُفسِّر من خلاله العلاقة مع الآخر الأوروبي، من خلال كتابات الرَّحالة المغاربة إلى أوروبا.
فريد الزاهي: كاتبٌ مغربي ومترجِم وناقد فني، اهتمَّ في أعماله المؤلَّفة والمترجَمة بقضايا الجسد والصورة والإسلام. وُلد في عام ١٩٦٠م بالدار البيضاء بالمغرب. حصَل على شهادة الإجازة في الفلسفة وعلم النفس عام ١٩٨٣م، ثم حصَل على شهادة الدراسات المتعمِّقة في الأدب المقارن في العام التالي، وحصَل كذلك على دكتوراه السلك الثالث في الدراسات والحضارات الإسلامية من جامعة السوربون في عام ١٩٨٧م، ونال أيضًا درجة الدكتوراه في الأدب الحديث. وهو يعمل حاليًّا بالمعهد الجامعي للبحث العلمي بالرباط. بدأ بنشرِ أعماله عام ١٩٧٨م في «المحرر الثقافي»، ونشَر أبحاثًا عديدة باللغتَين العربية والفرنسية في عدد من المجلات والصحف المغربية والدولية، نذكر منها: «أنوال»، و«الاتحاد الاشتراكي»، و«المقدمة»، و«ضفاف». وأصبح عضوًا في اتحاد كُتَّاب المغرب في عام ١٩٩١م. له العديد من المؤلَّفات، نذكر منها على سبيل المثال لا للحصر: «الحكاية والمتخيل»، و«الجسد والصورة والمقدَّس في الإسلام»، و«النص والجسد والتأويل»، و«العين والمرأة». أمَّا عن ترجماته فنذكر منها: «عِلم النص»، و«مراكش المدينة»، و«الصورة وموتها»، و«السِّحر والدِّين في أفريقيا الشمالية»، و«الخيال الخلَّاق في تصوُّف ابن عربي».