«سأل الفيلسوف اليوناني القديم سقراط سؤالًا ظل صداه يتردد عبر القرون: كيف ينبغي للمرء أن يحيا؟ والسؤال يستلزم أن نتأمل أنفُسَنا كأفراد تأملًا عميقًا على نحوٍ يُفضي إلى أن نُغيِّر ما بأنفُسِنا. ويسأل علماءُ الأنثروبولوجيا سؤالًا آخَر وثيقَ الصلة: كيف نحيا معًا؟»يتَّسِم عالَمنا بالتنوع والتعدد الثقافي، لكن هناك ما يجمع بين البشر كافة، وهو وَحْدة الجوهر الإنساني؛ ومن هنا جاءت فكرة هذا الكتاب الذي سعى للإجابة عن مجموعة من الأسئلة، من خلالِ دراسةٍ أنثروبولوجية حول الاجتماع البشري، وأُسُس الروح الاجتماعية المميزة للمجتمع الإنساني، وما أنتجه من أشكال مختلفة ومتنوِّعة حول سُبل الحياة، وعِلَّة نشوء الثقافات؛ إذ تُعَد الثقافةُ ابتكارًا بشريًّا يهدف إلى مواجَهة الحياة، فهي نهج إنساني إبداعي للتعامل والتفاعل، لكي تَمضي الحياة ولا تتوقَّف أمام الألغاز. كما أن إدراكنا لقِيمة الثقافة يَمنحنا الوعيَ الكافي للارتقاء بالمجتمع الإنساني بدلًا من استنزافِ الطاقات في مَسالك وهمية.
مايكل كاريذرس: عالم أنثروبولوجيا وأستاذٌ ورئيسُ قسمِ الأنثروبولوجيا في جامعة دورهام ببريطانيا. وُلد «مايكل بارنز كاريذرس» عام ١٩٤٥م، وتخرَّج في جامعة ويسليان عام ١٩٦٧م، ثم حصل على الماجستير عام ١٩٧١م، وعلى الدكتوراه عام ١٩٧٨م من جامعة أكسفورد عن أطروحته بعنوان «رهبان لانكا الساكنون في الغابات: دراسة تاريخية وأنثروبولوجية». وقد انضمَّ إلى هيئة التدريس في جامعة دورهام عام ١٩٨٢م بصفته محاضرًا في الأنثروبولوجيا، ثم رُقِّي إلى محاضِر أول عام ١٩٨٧م، وأستاذٍ عامَ ١٩٩٢م. له دراساتٌ عديدة نظرية وميدانية في الأنثروبولوجيا طبَّق فيها مناهجَ البحث العلمي الحديثة، وتهتم أبحاثه بمجالاتٍ عديدة منها: سريلانكا، والهند، والعقيدة البوذية، والعقيدة اليابانية، وتطوُّر ذكاء الإنسان. من أبرز مُؤلَّفاته: «رهبان الغابات في سريلانكا: دراسة أنثروبولوجية وتاريخية» (١٩٨٣م)، و«لماذا ينفرد الإنسان بالثقافة؟» (١٩٩٢م)، و«بوذا: مقدمة قصيرة جدًّا» (٢٠٠١م). حصل على تكريمٍ علمي في عام ٢٠١٥م؛ حيث انتُخِب زميلًا في الأكاديمية الوطنية للمملكة المتحدة للعلوم الإنسانية والاجتماعية.