«حسنين: والله عال، هيحاربوا الانجليز، الانجليز اللي غلبوا هتلر، هتحاربهم الحكومة! (يُحدِّث نفسه) وهنأجَّر المدينة ازاي دلوقت؟! (بصوت عالٍ) وهيحاربوهم ازاي؟! بزعازيع قصب؟!»كانت «عزبة بنايوتي» قد سُمِّيت بهذا الاسم نسبةً إلى صاحبها الخواجة «بنايوتي»، الذي قرَّر بيعها والعودةَ إلى وطنه بسبب الاضطرابات والمظاهَرات العارمة في مصر ضد الإنجليز في مطلع خمسينيات القرن العشرين، وقد اشتراها منه عضو بمجلس النوَّاب يعمل في المقاولات، يُدعى «حسنين بيه»؛ ليشيِّد عليها عمائرَ فاخرة ليُؤجِّرها للإنجليز. و«حسنين» شخصٌ نفعي لا يكترث لمصلحةِ بلده بقدرِ ما يُعلي من مصلحته الشخصية، وفي مقابله نجد أخاه إسماعيل، وهو أحد الثوَّار الذين شاركوا في ثورة ١٩١٩م، لكنه استسلم لحالة اللامُبالاة نتيجةَ تدهورِ أحوال البلاد بعد الثورة. تنقلب الأوضاع كلها رأسًا على عَقِب بعودة «ممدوح»، طالِب الهندسة وابن «حسنين»، الذي جاء من القاهرة ليخبر أباه وعمَّه بأن معاهدة ١٩٣٦م قد أُلغِيت، وأنه عاد ليشارِك برفقة زملائه في مقاوَمة الإنجليز، وعندئذٍ تصبح «عزبة بنايوتي» — مشروعُ «حسنين» الذي وضَع فيه كلَّ ما يملك — في مَهب الريح؛ فكيف سيُواجِه «حسنين» هذا التغيير؟
محمود السعدني: صحفيٌّ مصري، ورائد من روَّاد الكتابة الساخرة في الوطن العربي، شارَك في تحريرِ العديد من الصُّحف والمجلات وتأسيسِها، سواء داخل مصر أو خارجها. وُلد «محمود عثمان إبراهيم السعدني» في محافظة المنوفية عام ١٩٢٧م. امتهن الصحافةَ فور تخرُّجه في الجامعة، وعمل في العديد من الجرائد والمجلات الصغيرة، ومنها مجلة «الكشكول» التي كان يُصدِرها «مأمون الشناوي»، كما عمل بالقطعة في جريدتَي «المصري» و«دار الهلال». بدأ عمله الصحفي في جريدة «الجمهورية» عقِبَ اندلاعِ ثورة يوليو ١٩٥٢م التي كان من مؤيِّديها، وكانت هذه الجريدة حينذاك لسانَ حالِ الثورة، واستمرَّ عمله بها لسنواتٍ قبل أن يُستغنى عنه مع العديد من زملائه، فانتقل بعد ذلك ليتولَّى إدارةَ مجلة «روز اليوسف»، كما تولَّى رئاسةَ تحريرِ مجلة «صباح الخير» المصرية. اشتُهِر بكتاباته الصحفية الساخرة ونقده اللاذع، وقد تعرَّض للسَّجْن بسبب كتاباته الساخرة عن الرئيس أنور السادات؛ حيث نُسِبت إليه تهمةُ الاشتراك في محاوَلات الانقلاب على حكم الرئيس فيما عُرِف آنذاك ﺑ «ثورة التصحيح» عام ١٩٧١م، وظلَّ بالسجن عامَين حتى أُفرِج عنه بعفوٍ رئاسي، ولكنه مُنِع تمامًا من مزاوَلة مهنة الصحافة داخل مصر، فاضطرَّ إلى الخروج من البلاد وسافَر إلى أكثر من دولة، ومنها لندن حيث أصدَر بها مجلة «٢٣ يوليو» الساخرة، التي حقَّقت نجاحًا كبيرًا في الوطن العربي، لكنه قرَّر العودة مرةً أخرى إلى مصر بعد موت الرئيس أنور السادات عام ١٩٨٢م، وعاد إلى عمله الصحفي مرةً أخرى. قدَّم للمكتبة المصرية والعربية العديدَ من الأعمال الأدبية المتميِّزة والمتنوِّعة، ومن أهمها: «مسافر على الرصيف»، و«الموكوس في بلاد الفلوس»، و«وداعًا للطواجن»، و«رحلات ابن عطوطة»، و«أمريكا يا ويكا»، و«حمار من الشرق»، و«قهوة كتكوت» وغيرها الكثير. فارَق «محمود السعدني» الحياةَ في عام ٢٠١٠م عن عمرٍ ناهز ٨٢ عامًا، تارِكًا وراءَه إرثًا كبيرًا من الأعمال الأدبية التي ستظلُّ تحظى بتقديرٍ وإعجابٍ كبيرَين.