«قد آن آن الانتقام، ولا بد أن أخلِّص إخوتي ووطني من رِق العبودية. نعم يا إخوتي، اليوم يوم الخلاص، اليوم يومنا، فسنجعله يومًا تَتذكَّره الأحقابُ الآتية ويقولون: سنكرام خلَّص الوطنَ من العبودية والأَسْر، سنكرام سنك، الأمير سنكرام. نعم أيتها الأجيال المُقبِلة، سيكون لي على صفحات تاريخك ذِكرٌ تَقشعِر منه أبدانُ مُطالِعيه، وترتجف فرائصهم خوفًا.»تدور أحداثُ هذه المسرحية في الهند حول قصة ثورةِ شعبٍ على الظلم والعبودية، وحكايات الحب المستحيل. أغضبَت هذه المسرحية وقتها الخديوي «إسماعيل»، وظنَّ أن في محتواها نقدًا خفيًّا لأسلوب الحُكم في مصر، ويستطيع القارئ أن يستشفَّ سبب ذلك الغضب من خلال أحداث المسرحية. وبين السطور التي تحكي قصةَ عِشق الخادم الهندي «سنكرام» للنبيلة الفرنسية «لويزا»، يَكشف الكاتب عن رغبة الشعب الهندي في التحرُّر من الاستعمار والظلم. وبينما يُخطِّطون لزواج «لويزا» من «السير شارل»، وترفض هي أن تُفرِّط في حبِّها لخطيبها السابق «ألبرت» الذي اختفى منذ أعوام؛ يُخطِّط «سنكرام» للثأر لمقتل أبيه، وانتزاعِ الحُكم، ويسعى إلى أن تَتسبَّب ثورته في التقريب بينه وبين محبوبته «لويزا»، فيبدو الإسقاطُ جليًّا على الاستعمار البريطاني لمصر، وعلى الطبقية، بأسلوبٍ رشيق لا يخلو من تشويق وإمتاع.
سليم النقاش: مؤرِّخ وأديب وشاعر لبناني، ذاع صِيته في سماء المسرح العربي؛ فهو صاحبُ أولِ فرقةٍ عربية تزور مصر، وتُدخِل فيها الفنَّ المسرحي باللغة العربية. وُلد «سليم خليل النقاش» في بيروت في النصف الأول من القرن التاسع عشر، ونشأ في أسرة أدبية رفيعة مَعْنية بالآداب والفنون والمسرح؛ فعمُّه الكاتب المسرحي الكبير «مارون النقاش». درَس «سليم» ثلاثَ لغات هي العربية والفرنسية والإيطالية. عاش ببيروت نصفَ عمره، ثم انتقل إلى مصر، وعاش فيها بقيةَ حياته. عمل بالتحريرِ الصحفي وإصدارِ الجرائد، فشارَك «أديب إسحاق» في إصدار العديد من الجرائد مثل: «مصر» عامَ ١٨٧٧م، و«التجارة» عامَ ١٨٧٨م، و«المحروسة» عامَ ١٨٨٠م. كما كان موسوعيَّ الثقافةِ والإنتاجِ المعرفي، فبجانب الكتابة والتحرير الصحفيَّين، كتب الشعرَ الغنائي، والرواية، والمسرحية. كان الإسهام الأبرز ﻟ «سليم النقاش» في المسرح؛ فقد أدخل الفنَّ المسرحي باللغة العربية إلى مصر؛ حيث قَدِم بفرقته إلى الإسكندرية في نهاية نوفمبر ١٨٧٦م، وكانت أولُ مسرحية مثَّلتها فرقته هي «أبو الحسن المغفل» في ٢٣ ديسمبر ١٨٧٦م، وقُدِّمت بعدها «السليط الحَسُود» في ٢٨ ديسمبر ١٨٧٦م، وفي ٦ يناير ١٨٧٧م مُثِّلت مسرحية «مي وهوساس» في مسرح زيزينيا بالإسكندرية، وغيرها من الروايات التي أتقنَت فرقتُه تمثيلَها، ولاقَت إعجابًا شديدًا في الأوساط التركية والإنجليزية والمصرية والشامية كافَّة. أمَّا عن إنتاجه في التأليف المسرحي والشعري، فقد نظَم قطعًا غنائية في سياق مسرحياته المؤلَّفة والمقتبَسة والمترجَمة، مثل مسرحية «الظلوم»، واقتبس مسرحيةَ «عايدة» الأوبرالية عن الإيطالية، وتَرجَم عدةَ مسرحيات عن الفرنسية، مثل: «هوراس» ﻟ «كورني»، و«فيدر» و«متريدات» ﻟ «راسين»، و«الأفريقية» ﻟ «سكريب». كما كان له إسهامٌ واضح في التأليف التاريخي؛ ولعل أشهرَ إسهاماته في هذا المجالِ كتابُه «مصر للمصريين» أو «حوادث الفتنة العرابية» ٩ أجزاء. تُوفِّي «سليم النقاش» عام ١٨٨٤م بالإسكندرية بعد حياةٍ حافلة بالعمل والاجتهاد والإبداع.