«فون تلهايم (مبتعدًا): لقد كنتِ تبحثين عن رجلٍ سعيد، عن رجلٍ جدير بحبك، وها أنتِ ذي تجدين رجلًا بائسًا.الآنسة: ألَم تَعُد تحبني؟ أتحب أخرى؟فون تلهايم: آه! ما أحبَّك يا آنستي مَن استطاع أن يحبَّ غيرَك بعدَك.الآنسة: لقد نزعتَ من روحي شوكةً واحدة من الأشواك التي تعذِّبها. وما الفرق عندي إنْ ضاع مني قلبك، إنْ بين عدمِ اكتراثك بي واستفزازك لي؟ فأنت لا تحبني ولا تحب غيري؟ ما أبأسَك من رجلٍ إن لم تكن تحب شيئًا!»مسرحيةٌ مليئة بالمشاعر الإنسانية، يتجلَّى فيها الحبُّ الصادق والتضحية المتبادلة بين المتحابين. تدور أحداثها حول شخصية نبيلة نادرًا ما يجود بها الزمان، وهي شخصية «فون تلهايم»؛ وهو ضابطٌ اتُّهم زورًا بالحصول على رشوة، وفقَدَ ثروته ومنصبه، يعيش في فندق رخيص، أخرَجه منه صاحبُه لتخلُّفه عن دفع إيجار الغرفة بضعةَ أشهر، وهو ما اضطره إلى أن يرهن لدى صاحب الفندق خاتمًا عزيزًا عليه، بداخله صورةُ محبوبته؛ ليَتمكَّن من سداد قيمة إيجار الغرفة. وتقع المصادفة عندما تَسكن الغرفةَ نفسَها محبوبتُه التي جاءت للبحث عنه، ويلاحظ صاحب الفندق أنها ترتدي في إصبعها خاتمًا يشبه الخاتم الذي رهنه الضابط؛ فيكون ذلك سببًا في أن تَعثُر عليه، ولكنها تجده في حالة نفسية سيئة نتيجةً للظروف التي مر بها، فماذا ستفعل؟
جوتهولد إفرايم ليسنج: فيلسوف وأديب ألماني فريد، وأحد رموز عصر التنوير في أوروبا. وُلِد عامَ ١٧٢٩م بمقاطعة ساكسونيا، وكان والده رجلَ دينٍ لوثريًّا أرثوذكسيًّا مهتمًّا بالمسائل العقلية والأكاديمية. تلقَّى تعليمَه على يد «هينتز» الذي تأثَّر بفلسفة «فولف»؛ أحدِ روَّاد فلسفة التنوير في ألمانيا. وفي عام ١٧٤١م التحق «ليسنج» بمدرسة القديس «إفرا» في ميسين، ثم التحق بجامعة ليبزج عام ١٧٤٦م لدراسةِ اللاهوت والطب، كما درس الأدب والرياضة، لكنه ترك دراسته الجامعية بسبب كثرة ديونه، وسافَر إلى فتنبرج عام ١٧٥١م. لم يكن فيلسوفًا أو أديبًا عاديًّا، بل كان روحًا توَّاقة للمعرفة واليقين، شَغُوفًا باللاهوت والأدب، وكرَّس حياته لهذين المجالَين، كما مزَج بينهما في مراحلَ متقدِّمةٍ من حياته للتعبير عن أفكاره. كان المسرح شغفَه الأولَ الذي تولَّد لديه وهو في الثانية عشرة من عمره عندما وقع في عشق مسرحيات «شليجل»، وحاوَل تقليد «بلاوتوس» و«موليير» و«دستوشس». بدأ بكتابة عدةِ مسرحياتٍ هزلية صغيرة مثل: «المتعلِّم الشاب»، و«الشيطان أو الصداقة الحقَّة» (١٩٤٧م)، و«كاره النساء» (١٧٤٨م)، و«العذراء العجوز» (١٧٤٩م). وقد نشر بعد ذلك مسرحية «مينا فون بارنهلم» (١٧٦٥م)، وقد لاقت نجاحًا باهرًا؛ إذ إنها أول عمل مسرحي متكامِل يبشِّر بمولد «ليسنج» بصفته مؤلفًا دراميًّا، ثم نشر «مسرح همبورج» الذي يُعَد أشهرَ عملٍ أدبي له، ومسرحية «ناتان الحكيم» التي كتبها في مراحل متقدِّمة من حياته. هذا فضلًا عن ميوله الشعرية، وتأليفه أولَ قصيدةٍ غنائية عن الدِّين يعبِّر فيها عن كيفيةِ صعودِ الإنسان إلى الدرجات العُلى عن طريق معرفته لذاته. أمَّا عن شغَفه باللاهوت والطبيعة، فقد بدأ في سن السابعة عشرة، عندما بدأ في دراسة اللاهوت بالجامعة، ثم إصداره كتابَه الأول عامَ ١٧٥٩م بعنوان «تأمُّلات حول القانطين»، الذي أظهَر فيه اليقينَ الداخلي والتأمُّل الباطني، وبدأ في إصدار أعماله الكاملة منذ عام ١٧٥٣م حتى عام ١٧٥٥م في ستة أجزاء. كما عكف على دراسة «ليبنتز» و«سبينوزا» وآباء الكنيسة الأوائل حتى جمع لديه مادةً كافية لدراسته اللاهوتية المتأخِّرة، وقد كرَّس العَقدَ الأخير من عمره للتأليف في علم اللاهوت حتى صار من مؤسِّسي الدِّين الطبيعي مع فلاسفة التنوير والمُؤلِّهة الإنجليز. تُوفِّي «ليسنج» عامَ ١٧٨١م، عن عمرٍ يناهز ٥٢ عامًا.