«الفضل: قد حال الحالُ وانقلب، وأُتيح لابن ساوي السبب؛ أن يُطفئ ناري، ويُخرب دياري؛ لأن ولدي التعيس قد ملَك أنس الجليس. وظننتُ أن أَعدِله عنها، فحصل الامتناع منه ومنها. ولا أدري كيف الخلاصُ من غَوائل القَصاص؛ هل أَسلم من الإعدام أو يُذِيقني الأميرُ الحِمام!»كلَّف حاكمُ البصرة وزيرَه المقرَّب «الفضل بن خاقان» بأن يشتري له قَيْنة (جارية) حسناءَ فصيحةً ذات عِلم وأدب؛ ليضمَّها إلى جواري قَصره، فلم يَتوانَ «الفضل» في تنفيذ أمر سيده، وجدَّ في بحثه بلا كَلل، حتى وجدَ مَن جمَعت بين جَمال الخِلقة وحُلوِ الشمائل؛ إنها الحَسناء «أُنس الجليس»، التي بمجرد أن يراها «علي بن الفضل»، يقع في غَرامها ويُشغَف بحبها، فيسأل أباه أن يُبارِك زواجَه بها، ولكن يا له من شاب نَزِق متهوِّر! فحبُّه سيجرُّ عليه وعلى أبيه الوَيلات؛ إذ كيف يتجرَّأ ويَعشق القَيْنة التي اختصَّها الأمير لنفسه؟! وهنا يُضطر العاشقان أن يهربا إلى أرض الله الواسعة، فتُرى ما عاقبةُ فِعلهما؟ وهل يجدان عند الخليفة العادل «هارون الرشيد» شيئًا من الإنصاف؟ هذا ما ستعرفه بقراءتك هذه المسرحية.
«أحمد أبو خليل القباني»: كاتب وملحن وشاعر مسرحي سوري، ويُعتبر رائد المسرح في العالم العربي. هو «أحمد أبو خليل بن محمد آغا بن حسين آغا آقبيق» ولقبه الشيخ «أحمد أبو خليل القباني»، وُلد في حي «باب سريجة» بدمشق عام ١٨٣٣م لأسرة عريقة النسب. تعلم القراءة والكتابة في الكتاتيب ثم التحق بالمدرسة الابتدائية وداوم على حضور حلقات الدروس بالمدارس وفي الصالونات التعليمية بالبيوت. وحين كبر عمل بمهنة القبان مثل عائلته والتي اشتهرت بلقب «القباني» نسبة لتلك المهنة. أظهر «القباني» ميلًا إلى الموسيقى منذ نعومة أظافره فإتجه إلى تلحين الموشحات وتعلم فنون المسرح، وأحب نظم الشعر وخاصة الأزجال للأغاني الشعبية التي كان يقوم بتلحينها، ثم كوَّن مع مجموعة من رفاقه فرقة تمثيلية وكان يدربهم في بيت جده وأصبح يعرض فيه الروايات المسرحية أو في بيوت أخرى. منحه «مدحت باشا» الذي كان واليًا على دمشق مبلغًا ماليًا ليقوم بإنشاء مسرحًا عام ١٨٧٨م، فقام «القباني» بتأجير مكانًا فسيحًا في حي «باب توما» وأقام مسرحًا في منتصفه وأصبحت الجماهير تتوافد لمشاهدة المسرحيات. يُعد «القباني» هو أول من أدخل الألحان ليتم انشادها أثناء العرض المسرحي في العالم العربي، وقد حقق نجاحًا كبيرًا مما جعل بعض الحركات المحافظة تحاربه حتى تم إقناع السلطان «عبد الحميد» أن روايات «القباني» هي سبب الفسق في دمشق ووصل الأمر بهم إلى تكسير مسرحه، فغادر «القباني» سوريا وسافر إلى مصر مصطحبًا أفراد فرقته وتابع نشاطه الفني في الأسكندرية ثم في القاهرة، ونال نجاحًا كبيرًا في مصر حتى أنه طاف المحافظات ليعرض رواياته، كما قام مع فرقته برحلة إلى أمريكا الشمالية وعرض عددًا من المسرحيات القصيرة في معرض «شيكاغو». وقد عاد «القباني» إلى دمشق في عام ١٩٠٠م بعد أن أقدم خصومه على حرق مسرحه في القاهرة فقرر إعتزال المسرح. ترك «القباني» تراثًا موسيقيًا هائلًا من موشحات وأغان شعبية وألحان مسرحية بالإضافة إلى أعمال أدبية وفنية، ومن تلاميذه الموسيقار «محمد كامل الخلعي» و«عبده الحامولي». وقد توفي في دمشق بعد إصابته بمرض الطاعون عام ١٩٠٣م.