«جان: قولي ما شئتِ يا كونتة، تكلَّمي بما أردتِ يا زوجة الكونت فريدريك حاكمِ مدينة مسينا. أهكذا أنتِ يا شريفة، وهكذا أنتِ يا عفيفة، تخونين زوجًا سما قَدرُه، واشتُهر بالصالحات ذِكره؟ وتميلين إليَّ وأنا كولَدك بل كخادمك، وتُطلِعينني على أمرٍ يُطيل، إذا ظهَر، لومَ لائمك، ويُسقِطك من مقام الشرف إلى حضيض الذل والتلف.»تُعد هذه المسرحية الغنائية من أوائل ما ألَّف الأديب السوري الرائد «أبو خليل القباني» للمسرح العربي، وتحكي قصةَ الحب المحرَّم الذي اشتعل في قلب «لوسيا» زوجةِ الكونت «فريدريك» حاكم مسينا، فجعلها ترغب في الشاب الوسيم «جان» ابنِ أخي زوجها، ويزيِّن لها الشيطانُ سوءَ رغباتها فتكاشِف «جان» بعواطفها الآثِمة، لكنه ينتفض غاضبًا مُشمئزًّا بمجرد أن تَعرِض عليه مكنونَ صدرها؛ فكيف له أن يخون عمَّه الطيِّب الذي ربَّاه؟! وكيف له أيضًا أن يحب غيرَ «أوجين» النبيلة ابنةِ عمِّه التي ينتظر مرورَ الأيام في شغَف ليَجمَعهما الزواج؟! لذلك كان على «لوسيا» أن تَكيد كيدًا لتحطِّم حُب «جان» و«أوجين»، مُستعِينةً بمَن فسدَت نفسُه وضلَّ سعيه؛ علَّها تصل لما تريد. تُرى هل تَفلح حِيَلها؟ هذا ما تعرفه بقراءتك هذه المسرحية.
«أحمد أبو خليل القباني»: كاتب وملحن وشاعر مسرحي سوري، ويُعتبر رائد المسرح في العالم العربي. هو «أحمد أبو خليل بن محمد آغا بن حسين آغا آقبيق» ولقبه الشيخ «أحمد أبو خليل القباني»، وُلد في حي «باب سريجة» بدمشق عام ١٨٣٣م لأسرة عريقة النسب. تعلم القراءة والكتابة في الكتاتيب ثم التحق بالمدرسة الابتدائية وداوم على حضور حلقات الدروس بالمدارس وفي الصالونات التعليمية بالبيوت. وحين كبر عمل بمهنة القبان مثل عائلته والتي اشتهرت بلقب «القباني» نسبة لتلك المهنة. أظهر «القباني» ميلًا إلى الموسيقى منذ نعومة أظافره فإتجه إلى تلحين الموشحات وتعلم فنون المسرح، وأحب نظم الشعر وخاصة الأزجال للأغاني الشعبية التي كان يقوم بتلحينها، ثم كوَّن مع مجموعة من رفاقه فرقة تمثيلية وكان يدربهم في بيت جده وأصبح يعرض فيه الروايات المسرحية أو في بيوت أخرى. منحه «مدحت باشا» الذي كان واليًا على دمشق مبلغًا ماليًا ليقوم بإنشاء مسرحًا عام ١٨٧٨م، فقام «القباني» بتأجير مكانًا فسيحًا في حي «باب توما» وأقام مسرحًا في منتصفه وأصبحت الجماهير تتوافد لمشاهدة المسرحيات. يُعد «القباني» هو أول من أدخل الألحان ليتم انشادها أثناء العرض المسرحي في العالم العربي، وقد حقق نجاحًا كبيرًا مما جعل بعض الحركات المحافظة تحاربه حتى تم إقناع السلطان «عبد الحميد» أن روايات «القباني» هي سبب الفسق في دمشق ووصل الأمر بهم إلى تكسير مسرحه، فغادر «القباني» سوريا وسافر إلى مصر مصطحبًا أفراد فرقته وتابع نشاطه الفني في الأسكندرية ثم في القاهرة، ونال نجاحًا كبيرًا في مصر حتى أنه طاف المحافظات ليعرض رواياته، كما قام مع فرقته برحلة إلى أمريكا الشمالية وعرض عددًا من المسرحيات القصيرة في معرض «شيكاغو». وقد عاد «القباني» إلى دمشق في عام ١٩٠٠م بعد أن أقدم خصومه على حرق مسرحه في القاهرة فقرر إعتزال المسرح. ترك «القباني» تراثًا موسيقيًا هائلًا من موشحات وأغان شعبية وألحان مسرحية بالإضافة إلى أعمال أدبية وفنية، ومن تلاميذه الموسيقار «محمد كامل الخلعي» و«عبده الحامولي». وقد توفي في دمشق بعد إصابته بمرض الطاعون عام ١٩٠٣م.