لم يَعرِفْ عالَمُنا العربيُّ فنَّ المسرحِ إلا متأخرًا على أيدي روَّادٍ عظامٍ درَسوا فنونَهُ وحذَقوا أساليبَهُ قبلَ نقْلِها إلينا. صحيحٌ أنَّ تجاربَهم الأولى كانتْ تحمِلُ بعضَ البساطة، ولكنها كانتْ تجارب أصيلةً ولولاها لَمَا وصلَ مسرحُنا العربيُّ لشأنِهِ المتطوِّرِ الحالي. وقد كانَ «مارون عبود» أحدَ جنودِ المسرحِ المُخلصِين؛ حيثُ ألَّفَ له الكثيرَ مِنَ النصوصِ الرائدةِ في وقتٍ لم يكنِ الكثيرُ مِنَ الأدباءِ يتحمَّسُ لهذا النوعِ الجديدِ مِن الفَن. نتعرَّفُ في هذهِ المَسْرحيةِ على ما أصابَ الشيخَ الكبيرَ «فرنان» من خُطوبٍ مُتعاقِبة؛ فلم يكَدْ يَفيقُ مِن فاجعةِ موتِ ابنَيهِ الشابَّينِ حتى لحِقَتْ بهما زوجتاهما حزنًا، ولم يَبْقَ في قصرِهِ الواسعِ إلا ابنُهُ الفتى «إميل» الذي أخَذَ يَبذلُ كلَّ جهدِهِ ليُواسِيَ قلبَ أبيهِ المَكْلوم. فتُرَى هل ستَرفقُ الأقدارُ بالشيخِ الحزينِ أمْ تُخبِّئُ له المَزِيد؟
مارون عَبُّود: رائِدُ النَّهْضةِ الأَدَبيَّةِ الحَدِيثةِ في لبنان، وهُوَ الكاتِبُ الصَّحفِي، والرِّوائيُّ الساخِر، والقَصَّاصُ البارِع، والشاعِرُ الَّذي نَظَمَ الشِّعرَ عَلى اسْتِحْياء؛ فلَمْ يَرِثِ الأَدبُ منهُ سِوى القَلِيل، وهوَ الناقِدُ الَّذي فُلَّتْ سِهامُ النُّقَّادِ أَمامَهُ إِجْلَالًا واحْتِرامًا، والمُؤرِّخُ والمَسرَحِي، وزَعِيمٌ مِن زُعَماءِ الفِكْرِ والفنِّ في العَصْرِ الحَدِيث. نالَ مارون عَبُّود العَدِيدَ مِنَ الأَوْسِمة؛ مِنْها: وِسامُ المَعارِفِ مِنَ الدَّرَجةِ الأُولى، ووِسامُ الاسْتِقلالِ مِنَ الدَّرجةِ الثَّانِية، وأَثْرى المَكْتبةَ العَرَبيةَ بالعَدِيدِ مِنَ المُؤلَّفاتِ الأَدَبيَّةِ والشِّعْريَّةِ والنَّقْديَّة؛ مِنْها: «نَقدات عابِر»، و«تَذْكار الصبا»، و«زَوَابِع». وَافتْه المَنيَّةُ عامَ ١٩٦٢م.