«بیتاكوس: لن يَنفع قولٌ في زمنٍ يُسقِط معنى القول.فاجدلْ من قَولي حبلَ الثورة والفعل،يا مَن تَلبَس ثوب الحكمة في زمن المحنة والأحزان،اصنع مِن قولك حَجرًا وارجُم كل الأوثان.الشعب العاجز لا يَملك دَفعًا للطغيان.هل تتأمَّل ضوء القمر، وشعبُك في الوحل مُهان؟الثورة هي فصل الحكمة، ثُرْ وتحرَّك!واغضب للحق، وأعلِنْ للعالَم سِرك وارفَع صوتك!وإذا اختلَّ نظام الشعب، وساد الرُّعب،وضاع الواجب والقانون؛فالحِكمة في المحنة خَوف والطِّيبة ضَعف،والعقل جنون.»مسرحية مُستلهَمة من التاريخ اليوناني القديم، يَستحضر فيها «عبد الغفار مكاوي» حُكماء اليونان الذين عاشوا في القرن السادس قبل الميلاد، والذين اختلفَت أعدادُهم بين سبعة وسبعة عشر، ويُنشِئ بينه وبينهم حوارًا فلسفيًّا يَتلمَّس فيه آثارَ الحكمة حتى تهدأ حيرتُه، ويستعرض تاريخَ هؤلاء الحكماء وأقوالَهم. فها هو «طاليس» أولُ مَن نقَّى الحكمة مِن سُحب الأسطورة وضَباب الغَيب، وأولُ مَن سأل سُؤال العقل عن المبدأ والأصل، وقال: «اعرف نفسك.» قد حضَر إلى مصر، وتعلَّم فيها الرياضةَ ونقَل الهندسةَ إلى الإغريق. أما الشاعر «صولون»؛ فهو صاحب التشريعات الشهيرة التي تُرسي قواعدَ الحُكم والعدل. و«بيتاكوس» الذي قال: «إن اللحظةَ إن واتَتْك؛ فلا تترُكها تُفلِت منك.» وغير ذلك من الحِكَم المنسوبة إليهم، مُستعرِضًا ظروفَهم التاريخية التي جعلَت منهم حكماء، ليَتبيَّن أن الحكمة في الفعل قبل القول.
عبد الغفار مكاوي: أَكادِيميٌّ وفَيلَسوفٌ وأَدِيبٌ مِصرِي، وعَلَمٌ من أَعلَامِ التَّرجمةِ الَّذِينَ نَقَلوا الأَدَبَ الأَلمَانيَّ إلى اللُّغةِ العَرَبِية. وُلِدَ عبد الغفار حسن مكاوي فِي بَلدَةِ «بلقاس» بِمُحافَظةِ الدَّقَهلِيةِ فِي ١١ يناير عامَ ١٩٣٠م. تَلقَّى تَعلِيمَهُ الأوَّلَ بالكُتَّابِ عامَ ١٩٣٦م، وفِي العامِ التالي التَحَقَ بالمَدرَسةِ الابتِدَائِية، ثُمَّ حصَلَ عَلى «شهادةِ الثَّقافَة» مِنَ المَدرَسةِ الثَّانوِيةِ بطنطا عامَ ١٩٤٧م، وخِلالَ هَذهِ الفَترةِ قرأَ لِكِبارِ الأُدَباءِ والشُّعَراءِ والمُترجِمينَ مِن أَمثَال: طه حسين، والمازِني، والعقاد، وتوفيق الحكيم، والمنفلوطي، وجُبران. وفِي عامِ ١٩٥١م حَصَلَ على ليسانس الفَلسَفةِ مِن كُليةِ الآدابِ جَامِعةِ القَاهِرة، كمَا حَصَلَ عَلى الدُّكتُوراه فِي الفَلسَفةِ والأَدَبِ الألمَانيِّ الحَدِيثِ مِن جَامِعةِ فرايبورج ﺑ «بريسجاو» بألمَانيا عن رِسالتِهِ «بَحْثٌ فَلسَفِي عن مفهومَيِ المُحَالِ والتمرُّدِ عند ألبير كامي» عامَ ١٩٦٢م. كما كان مُلِمًّا بعِدَّةِ لُغاتٍ كالألمَانيةِ والإنجلِيزيةِ والفَرَنسيةِ والإيطَالِيةِ واللاتِينيةِ واليُونانيةِ القَدِيمة، وكانَ لِإتقانِهِ اللُّغةَ الألمَانيةَ دورٌ هامٌّ فِي ترجمةِ العَديدِ مِن كلاسِيكياتِ اَلأدبِ الألمَاني. بدأَ سِلكَهُ الوَظيفيَّ فِي وَظيفةِ «مُفهرِس» بِدَارِ الكُتبِ المِصريةِ بَينَ سَنتَي (١٩٥١–١٩٥٧م)، وفِي عامِ ١٩٦٧م عمِلَ بالتَّدريسِ بقِسمِ اللُّغةِ الألمَانيةِ ثُم قِسمِ الفلسفةِ بكُليةِ الآدَابِ جَامِعةِ القَاهرة، كمَا عُيِّن مُدرِّسًا فِي كُليةِ الآدابِ بجَامِعةِ الخرطوم. وخِلالَ الفَترةِ ١٩٧٨–١٩٨٢م أُعِيرَ إلى جَامِعةِ صَنعَاءَ باليَمَن، لِيَعودَ إلى التَّدرِيسِ بجَامِعةِ القَاهرةِ حتَّى عامِ ١٩٨٥م، غَيرَ أنهُ استقالَ مِنها ليَلتحِقَ بالتَّدرِيسِ بجَامِعةِ الكويت. نالَ مكاوي جَائزةَ الدَّولةِ التَّشجِيعيةَ فِي الأَدبِ عامَ ١٩٧٦م عن كِتابِ «ثورة الشِّعر الحديث»، ومِيداليةَ جوته مِن ألمَانيا عامَ ٢٠٠٠م، وجَائزةَ التميُّزِ مِن اتِّحادِ الكُتَّابِ عامَ ٢٠٠٢م، وجَائزةَ الدَّولةِ التَّقدِيريةَ فِي الآدَابِ مِنَ المجلسِ الأَعلى للثَّقافةِ عامَ ٢٠٠٣م. تَركَ لنا إنتاجًا أَدبيًّا غَزيرًا ما بَينَ أَعمالٍ مُؤلَّفةٍ ومُترجَمةٍ في الشِّعرِ والقصصِ والدِّراساتِ الأَدبيةِ والفَلسَفية، مِنها: «بِشْر الحافي يَخرُج من الجحيم»، و«مدرسة الحكمة»، و«المُنقِذ»، و«نداء الحقيقة»، و«هلدرلين»، و«لِمَ الفلسفة؟»، و«النور والفراشة» لجوته، و«تأسيس ميتافيزيقا الأخلاق» لكانط، و«ملحمة جلجاميش»، بِجانِبِ العَديدِ مِنَ المَقالاتِ التِي نَشرَها فِي «الثقافة» و«الآداب» و«المجلة» و«فصول» وغيرها. تُوفِّيَ عبد الغفار مكاوي في ۲٤ ديسمبر عام ۲۰۱۲ عن عُمرٍ يُناهِزُ ۸۲ عامًا.