مسرحيَّةٌ اجتماعيةٌ فكاهيَّةٌ قصيرةٌ، كُتبت باللَّهجةِ العامِّيةِ المِصْرية، تُناقِشُ قضيةَ تعدُّدِ الزَّوجاتِ بصورةٍ بالغةِ الطَّرافة، مِن خلالِ مُحاوَراتٍ بينَ الزوجتَينِ الأُولى والثانية، تُمثِّلُ الطِّباعَ والعاداتِ الشعبيةَ التي تتعلَّقُ بثقافةِ الزَّواجِ والضَّرائر. «صابحة» الزوجةُ الأُولى تُحاوِلُ التماسُكَ أمامَ زَوجِها وادِّعاءَ الصبرِ على وجودِ زَوجةٍ ثانيةٍ له، بلْ تُصدِّقُه أيضًا عندَما يُخبِرُها أنَّه إنَّما أقبَلَ على الزَّواجِ مرةً أُخرى مِن أَجلِ راحتِها، وحتَّى تصيرَ الزوجةُ الثانيَةُ «فطومة» خادمةً لها. ولكِن «صابحة» تَغلِي مِنَ الغِيرة، وتُحاوِلُ أنْ تَحِيكَ المَكائدَ لتفرِّقَ بينَهما، فهل ستنجحُ في نصْبِ فخٍّ مُحكَمٍ لتُوقِعَ بضَرَّتِها «فطومة»؟! وردَتْ هذه المسرحِيةُ بعُنوانِ «الدرتَين» (بحَرفِ الدَّال)، بينما تُشيرُ الأحداثُ الواردةُ فيها إلى ضرورةِ كتابةِ العُنوانِ ﺑ «الضَّاد»؛ بحيثُ يصيرُ العُنوانُ «الضَّرتَين»، ويَشملُ هذا الخطأَ المُحتوى الداخِليُّ للكِتاب؛ إذ تَرِدُ فيه كلمةُ «ضرة» بالدَّال، وقد آثَرْنا تَرْكَ هذا الخطأِ كما هو نظرًا لإشارةِ بعضِ المُختصِّينَ إلى عُنوانِ الكتابِ بحَرفِ الدَّالِ لا الضَّاد، وعلى رأسِ هؤلاءِ الدكتور محمد يوسف نجم، الذي قام بتصويرِ المخطُوطاتِ الأصليةِ لأعمالِ يعقوب صنوع، وعملَ على نَشرِها لأولِ مرَّة.
«يعقوب صنوع»: كاتبٌ مصريٌّ وناقدٌ أدبيٌّ بارِز. يُعدُّ أحدَ رُوادِ ومؤسِّسي المسرحِ المصريِّ الحديثِ والصحافةِ الساخِرة؛ وذلكَ في النِّصفِ الثاني مِنَ القرنِ التاسعَ عشرَ الميلادي. عُرِفَ ﺑ «أبو نظارة»، وأَطلَقَ عليه الخديوي إسماعيلُ لقَبَ «موليير مصر». وُلِدَ «يعقوب بن رافائيل صنوع» في القاهرةِ عامَ ١٨٣٩م. تَلقَّى تعليمَهُ الأَوَّليَّ بالقاهِرة، واستَطاعَ إجادةَ العديدِ مِنَ اللغاتِ، منها العربيةُ والعِبريةُ والتُّركيةُ والفرنسيةُ والإيطالية. أُرسِلَ في بَعْثةٍ دراسيةٍ إلى إيطاليا على نَفَقةِ الحُكومةِ المِصرية، وهناكَ درَسَ الفنونَ والآدابَ والاقتصادَ السياسيَّ والقانونَ الدوليَّ خلالَ ثلاثِ سنواتٍ مِن عامِ ١٨٥٣م حتَّى عامِ ١٨٥٥م، وقد أُتِيحَ لهُ أن يَطَّلعَ على العديدِ مِنَ الثَّقافات، خاصَّةً في فنِّ المسرَح؛ حيثُ اطَّلعَ على أعمالِ أهمِّ الكُتَّابِ المسرحيِّين، لا سِيَّما «موليير»، و«جولدوني» و«شريدان». في عامِ ١٨٧٠م أنشَأَ فرقةً مسرحيةً لتقديمِ مَسرحياتِهِ في القاهِرة، وكانتْ مسرحياتُه تُقامُ على مسرحِ «قاعة الأزبكية»، وقدْ لاقَتْ نَجاحًا جماهيريًّا كبيرًا، حتى إنَّ الخديوي إسماعيلَ طلَبَ منهُ عرضَ مَسرحياتِهِ في القصر. وقدْ ظلَّ يَعرضُ مسرحياتِه لمدةِ عامَينِ إلى أنْ قدَّمَ مسرحيةً بعُنوانِ «الوطن والحرية»، سخِرَ فيها مِن فَسادِ القصرِ والنظامِ الحاكِم، فغضِبَ عليهِ الخديوي وأمَرَ بإغلاقِ مَسرحِه ونفْيِه إلى فرنسا. إلى جانبِ أعمالِه المَسرحية، أصدَرَ «يعقوب صنوع» العديدَ مِنَ الصحفِ السياسيةِ الساخِرة، أهمُّها «أبو نظارة زرقاء» عامَ ١٨٦٦م، التي انتقَدَ فيها حُكمَ الخديوي إسماعيل، وعندَما نُفِي إلى فرنسا تابَعَ إصدارَ جريدتِه هُناك، وكانَ أحيانًا يُصدِرُها باسمِ «الحاوي» أو «الوطني المصري». أصدَرَ كذلكَ «أبو زمارة»، و«العالَم الإسلامي»، و«الثرثارة المصرية»، كما أنشَأَ جمعيتَينِ عِلميتَينِ أدبيتَينِ أطلَقَ على أُولاهُما اسمَ «مَحْفل التقدُّم»، وعلى الأُخْرى اسمَ «مَحْفل مُحِبِّي العِلم». كتَبَ العديدَ مِنَ الرِّواياتِ الهَزليةِ والغَراميَّة، بالإضافةِ إلى مَسرحياتِه ذاتِ النقدِ الاجتماعي، التي كُتِبتْ بأُسلوبٍ فُكاهيٍّ كوميدي، ومِنها: «أبو ريدة وكَعْب الخير»، و«الأَمِيرة الإسكندرانيَّة»، و«الصَّداقة»، و«العَلِيل»، و«بُوْرصة مِصر»، و«الدُّرَّتَيْن»، و«موليير مِصْر وما يُقاسِيه»، و«مَدْرسة النِّساء»، و«البَخِيل»، وغيْرَها الكثير. تُوفِّيَ في باريسَ عامَ ١٩١٢م.