«إبليس: سأُعيدُكَ شابًّا،وسأَسْقي قلبَك عِشقَ الأرضِ الحيَّة!حتى تنتصرَ القوَّة،وتعيشَ الزَّهْوَة!كي تنسى عندَ دخولِ الطين،أنكَ مِن طين!لن تذكُرَ ضَعْفَك أو ترجوَ غُفرانَ الخالقْ!وستشعرُ أنكَ مثلي لهَبٌ ناطِقْ!هذا ما راهنتُ اللهَ عليهْ،وأراهنُك اليومَ عليهْ!»جمَع هذا الكتاب بين الترجمة والتأليف، وكلاهما في قالبٍ شِعري حرَص «عناني» على إخراجه في صورةٍ بديعة؛ فالجزء الأول ترجمةٌ لمسرحية «فاوست» الشعرية للشاعر الألماني «جوته»، التي تتحدَّث عن شخصية الخيميائي الألماني «فاوست» الذي حصَل على قدرٍ كبير من العلوم، لكنه بعد أن أدرَكه الكِبَر رأى أن كلَّ ما أخذه من علمٍ لا فائدة منه، فندم على سنواتِ شبابه، فظهر له الشيطان الذي وعده بأنه سيُعيد له شبابَه مقابل أن يأخذ روحَه بعد موته، وقَبِل «فاوست» بالعرض، ولكنَّ استعادة الشباب كانت اختبارًا صعبًا وقع فيه «فاوست». أما الجزء الثاني فهو مجموعةُ قصائدَ متفرِّقة، نظَمها «عناني» في فتراتٍ زمنية مُتقارِبة، باستثناء قصيدة «ليلة في المستشفى»؛ فقد نظَمها عامَ ١٩٩٣م أثناء تَلقِّيه العلاجَ في باريس. وقد جاءت موضوعاتُ القصائد متنوعةً بين الذاتي والعام، وبين الشِّعر العمودي وشِعر التفعيلة، مُصوِّرةً تَفاعُل «عناني» مع الكون والطبيعة.
جوته: أديبٌ وروائيٌّ وقاصٌّ وشاعرٌ ألمانيٌّ شهير، له إسهامٌ كبيرٌ في الأدبِ العالَمي، والألمانيِّ خاصة. وُلدَ «يوهان فولفجانج جوته» في مارس عامَ ١٧٤٩م في مدينةِ فرانكفورت على نهرِ الماين، لأبٍ حازمٍ ميسورِ الحال، فألزَمَه بتعلُّمِ اللاتينيةِ والإيطاليةِ واليونانيةِ والعِبريةِ والفرنسيةِ والإنجليزيةِ وبعضِ الموسيقى والرسم، بالإضافةِ إلى بعضِ العلومِ الطبيعيةِ مثل الفيزياءِ والرياضيات، ثُم أرسلَه إلى جامعةِ ليبزج ليَدرسَ القانون، لكنه مالَ إلى دراسةِ الأدبِ فبدأَ بكتابةِ الأشعارِ والمسرحياتِ التمثيلية، وبجانبِ الأدبِ اهتمَّ بالتاريخِ الطبيعيِّ والطب. عادَ «جوته» عامَ ١٧٦٨م إلى فرانكفورت، فغضبَ والِدُه عليه وأرسلَه إلى جامعةِ ستراسبورج، فحصلَ منها على إجازةِ القانون، وفيها لازمَ الكاتبَ الألمانيَّ الشهيرَ «هردر»، وعادَ إلى مَوطنِه عامَ ١٧٧١م وبدأَ في التدرُّبِ على الأعمالِ القضائيةِ والمُحاماةِ في مقرِّ المَحاكمِ الإمبراطوريةِ ومحاكمِ الاستئنافِ العُليا، ولازَمَ كبارَ القضاةِ وتعرَّفَ على بعضِ رجالِ السُّلطة. في عامِ ١٧٧٤م تعرَّف «جوته» على الدوقِ «كارل أوغست» حاكمِ مُقاطعةِ فايمر، وتوطَّدتْ هذه الصداقةُ حتى أعطاه الدوقُ أحدَ أرفعِ المناصبِ في المُقاطعة، بالإضافةِ إلى تعيينِه عضوًا في المجلسِ الأعلى للمُقاطعة، واقتطعَ له راتبًا ومنزلًا. سافَرَ «جوته» إلى إيطاليا عامَ ١٧٨٦م ومكثَ بها حوالَي عامٍ ونصف، واعتَبر هو نفسُه هذه الرحلةَ نقطةَ تحوُّلٍ في حياتِه؛ حيث تأثَّرتْ شخصيتُه بالفنِّ والأدبِ الإيطاليَّيْن، وفيها كتبَ مَسرحياتِه التمثيليةَ «إفيجينيا»، و«إيجمونت»، و«تاسو». تأثَّرَ «جوته» بالأدبِ العربيِّ منذ شبابِه؛ ففي سنِّ الثالثةِ والعشرينَ نظمَ قصيدةً في مدحِ النبيِّ «محمد»، وتوطَّدتْ علاقتُه بالأدبِ الشرقي، الفارسيِّ والعربيِّ منه خاصةً بعد سنِّ الستين؛ حيث أقبلَ على دراسةِ شِعرِ «حافظ الشيرازي» مُترجمًا، واطَّلعَ على عاداتِ الشرقِ وتاريخِه، مستعينًا ببعضِ المستشرقين لأنه لم يَكن يُجيدُ العربية. ﻟ «جوته» العديدُ من المؤلَّفات، لعلَّ أشهرَها: «أحزان فرتر»، و«فاوست»، و«الديوان الشرقي للمؤلف الغربي»، و«الأنساب المختارة»، و«تاسو»، و«نزوة العاشق». تُوفِّي «جوته» في منزلِه في مُقاطعةِ فايمر عامَ ١٨٣٢م.