كعادة العبقري الفذ ويليام شكسبير الذي عودنا أن يغوص في أعماق النفس البشرية ليسبر أغوارها ويرينا من أنفسنا ما لا تراه أبصارنا؛ ينقل لنا بأسلوبه الفريد قصة الزهرة التي نبتت من قلب الأشواك، ومصيرها حين وضعت في يد الإنسان الذي اعتاد ألا يدرك قيمة ما بيديه إلا بعد زواله. وقد جسد كاتبنا هذه الفكرة من خلال القائد العسكري المغربي الأصل «عطيل» الذي هدته فطرته البدوية إلى الاهتداء لكنز النفوس، وحرمه شعوره الوثاب من دوام هذا الكنز في يده؛ وذلك حين أحب «ديدمونة» — زهرة عصره الناضرة — التي تمثل الاستثناء الصالح لقاعدة فساد المجتمع، وأبان لنا شكسبير مبلغ نيل الاحتيال من نفس رجل ذكي مطماع أصم الضمير، فجعله يفرط في النعمة التي حَبَتْها له الأقدار، كما أثبت أن العفة لا تنتفي من الوجود؛ فالمرأة الصالحة تزداد عفتها إذا ندرت في عشيرتها، كالزهرة التي يزداد رونقها بزيادة الشوك حولها.
ويليام شكسبير: يعد أشهر مؤلف مسرحي عرفه التاريخ. له آثار بارزة في المسرح الكوميدي والتراجيدي جسد من خلالها أبرز دقائق النفس البشرية في بناء درامي متساوٍ أقرب ما يوصف به أنه سيمفونية شعرية. وهو ينتسب لأسرة مرموقة. قام بالتدريس في بلدته «ستراتفورد أبون آفون» التي يوجد بها الآن مسرح يسمى باسمه، وقد تزوج من آن هاثاواي، وأنجب منها ثلاثة أطفال. في عام ١٥٨٨م انتقل إلى لندن التي صارت نقطة الانطلاق لعالم المسرح والشهرة. ومن أشهر أعماله: «تاجر البندقية»، و«روميو وجولييت»، و«هاملت»، و«عطيل»، و«مكبث»، و«الملك لير».