«قتلناه نحن الاثنان، أنتِ بقُبلةٍ وأنا بخنجر، أنتِ أحببتِه وأنا انتقمت.» هما الحب والغيرة اللذان يقتلان، لكن الضحايا في هذه المسرحية الدرامية مُتعدِّدون، وما من ضحيةٍ أكثر تعاسةً من بريء يُدانُ ظلمًا من جرَّاء جريمةٍ ارتكبها غيرُه. يأخذنا «إلياس فياض» بين لوحاتٍ ممتعة أجاد رسمَ مَشاهدِها وتصويرَ لاعبي أدوار بطولتها، وعلى رأسهم «بترو» الفرَّان الشاب الرقيق الحال الذي يسكن مدينةَ «البندقية»، المدينة الإيطالية الساحرة، والذي يُعذَّب مرتَين؛ مرةً بنيران الشك، ومرةً بنيران الظلم، وتبقى نَجاته مُعلَّقة بكلمةِ حقٍّ غائبة. فهل ينطق الآثِم الحقيقيُّ قبل إسدال السِّتار؟ وهل سيُنقِذ اعترافُه المتأخر رقبةَ الفرَّان من الموت؟ هذا ما سنعرفه معًا عبر صفحات الكتاب.
«إلياس فياض»: صحافيٌّ وأديب وشاعر وسياسي لبناني، وهو شقيق الشاعر والأديب المعروف «نقولا فياض». وُلد «إلياس يوسف فياض» في بيروت عام ١٨٧٢م لعائلةٍ تحب الأدب وتستضيف كبارَ الكُتاب والشعراء بشكلٍ دوري. التحق بمدرسة «الثلاثة الأقمار» ببيروت، ثم سافر إلى مصر عام ١٨٩٦م ودرس هناك الحقوق في المكتب الفرنسي، ومنها إلى باريس حيث تخصَّص واجتاز الاختبارات النهائية هناك، ثم يعود مرةً أخرى إلى مصر عام ١٩٠٣م ويدرس الشريعةَ الإسلامية والقوانينَ المصرية واللغةَ الإنجليزية. أمضى «إلياس فياض» أربع سنوات مُعلِّمًا بمدرسة «الثلاثة الأقمار» ببيروت، ثم عمل بالصحافة فكان يُحرِّر بجريدة «الرائد المصري» بالقاهرة، ويُراسِل جريدة «البصير» بالإسكندرية، وجريدتَي «المحبة» و«المصباح» ببيروت. كما شغل منصبَ رئيس تحرير جريدة «المحروسة» اليومية، وكان يترجم الروايات لجريدتَي «أخبار اليوم» و«الأهرام». وقد تدرَّب في مكاتب كبار المحامين في مصر. بعد إعلان الدستور العثماني عام ١٩٠٨م عاد إلى بيروت ليعمل بالمحاماة، حتى أصبح إداريًّا في جهاز الشرطة اللبنانية عام ١٩١٨م، ثم عُين قاضيًا في محكمة التمييز عام ١٩٢١م، وتدرَّج في المناصب الحكومية حتى انتُخِب في المجلس اللبناني ممثِّلًا لبيروت عام ١٩٢٩م، ووصل إلى منصب وزير الزراعة، بينما لم يتوقَّف عن الكتابة في الصحف المصرية واللبنانية حتى آخِر يومٍ في حياته. وبخلاف المقالات، كان «إلياس فياض» مُغرَمًا بالشعر العربي، وأحبَّ من الشعراء «أبا نواس» لتميُّزه بالحسِّ الشِّعري المرهَف. وكان «فياض» يميل في قصائده إلى الابتعاد عن الأساليب المركَّبة الصعبة، وقد صدر له ديوانٌ شعري عام ١٩١٨م، كما كتب مسرحيةً شعرية بعنوان: «الزوجة الخائنة»، ومسرحية «الدوق فردناند»، ومسرحية «فرَّان البندقية» التي اقتُبست قصتها في فيلم سينمائي. وقد تَرجم مجموعةً من المسرحيات الفرنسية الشهيرة إلى العربية، وعرَّب مجموعةً أخرى. تُوفِّي «إلياس فياض» في بيروت عام ١٩٣٠م، وقد رثاه رِفاقه من شعراءِ عصره مثل «خليل مطران» و«بشارة الخوري» و«إلياس أبو شبكة».