عقاقيرُ لتنظيف أحشاء حَضرته، وأُخرى لتَنويمه نوماتٍ هانئة، ووصفات لتقوية بدنه الضَّعيف للغاية، وطرْد الأفكار الشديدة السواد عن رأسِه … مجموعةٌ لا يبدو أنها تَنتهي من الأدوية ووسائل الاستِشفاء، في صراعٍ محمومٍ ودائمٍ مع مجموعة لا يَبدو أنها تَنتهي من الأمراض التي توهَّمها «أرغان» في نفسه، حتى بات كلُّ شيء يُؤلمه، في حين أن لا شيء يُؤلمه بالفعل. تلك هي الشخصية المِحوَريَّة التي أسند إليها «موليير» دور البطولة في المسرحيَّة التي بين أيدينا، والتي تجري أحداثُها الطريفة في منزل رجلٍ ثريٍّ راجح العقل، إلا فيما يتعلَّق بوَساوسه حيال صحَّته الجسمانيَّة؛ الأمر الذي يَذهب بقُدرته على الحُكم على الأمور بعقلانيَّة؛ فهو يخضَع لأطبائه الجَشِعين، إلى حدِّ الإصرار على تزويج ابنتِه بأحدهم، بحُجَّة أنَّ اقترانًا كهذا سيكون — بلا شكٍّ — مُفيدًا لصحَّة الوالد.
موليير: مُؤلِّفٌ كوميديٌّ مَسرَحيٌّ وشاعِرٌ فَرَنسِي؛ يُطلَقُ عَلَيهِ مؤسِّسُ «الكُومِيديا الرَّاقِية». ساهَمَ بقَدْرٍ كَبيرٍ في غرْسِ أُصُولِ الإِخْراجِ المَسرَحِي، كَمَا اسْتَطاعَ مِن خِلالِ أَعْمالِهِ الكُومِيديَّةِ الفُكاهيَّةِ أنْ يُوصِّلَ أَفْكارَهُ وأنْ يُعالِجَ المُشْكلاتِ النَّفْسيَّةَ الأَكْثرَ تَعْقيدًا، وقَدْ هاجَمَ كُلِّ الرَّذائل التِي انْتشرَتْ فِي أَوْساطِ المُجتَمعِ الأُوروبِي في ذلك الحين. كَتبَ «موليير» العَدِيدَ مِنَ الأَعْمالِ الخاصَّةِ والمُتنوِّعة؛ حَيثُ ألَّفَ في كُومِيديا البَالِيه، والكُومِيديا الرَّعَويَّة، وأَيْضًا الكُومِيديا البُطوليَّةِ وغَيرِها، ومِن أَعْمالِه: «مَدْرسةُ الأَزْواج»، و«مَدْرسةُ النِّساء»، و«دون جوان»، و«الطَّبِيبُ عَلى الرَّغْمِ مِنْه»، و«البَخِيل»، و«البورجوازيُّ النَّبِيل»، و«مَرِيضُ الوَهْم»، و«كونتيسة إبيسكار بانياس»، و«الطَّبِيبُ العاشِق»، و«زَواجٌ بالإِكْراه». فارَقَ «موليير» الحَياةَ عامَ ١٦٧٣م، بعْدَ تَقْديمِه العرْضَ الرابعَ لمَسْرحيتِهِ «مَرِيض الوَهْم» بسَاعَات.