«الخدامين والمخدمين» مسرحية قصيرة من فصلَين ﻟ «محمد عثمان جلال»، تناقش أحوالَ الخدم في بدايات القرن العشرين. نُشِرت هذه المسرحية في عصرٍ انعدمَت فيه حقوقُ الخدم، حتى أصبحوا يُعامَلون مُعامَلةَ العبيد. وقد جاءت المسرحية كمثيلاتها من مسرحيات «محمد عثمان جلال»، داعيةً ومُحرِّضة على التغيير المجتمعي الإيجابي، دونَ إفراطٍ في النُّصح المباشِر، بل أتَت دعوته مُتودِّدةً إلى النفوس بأسلوبٍ فني رشيق، على هيئةٍ شِعرية، فيها من الطرافة والهزلية ما يُمتِع القارئ، ويلفت انتباهَه بلُطفٍ إلى القضية. وفي إشارةٍ رمزية، يُطلِق الكاتبُ اسمَ «سيد» على أحد أبطال المسرحية، وهو الخادم الذي يعمل لدى «البيك»؛ وهو بذلك يَرمُز إلى فساد فكرة الطبقية، ويدعو إلى المساواة والعدل بين الناس، مُظهِرًا الوجهَ القبيح للطبقة الغنية غير المُنصِفة، التي تَترفَّع عن الإحسان إلى خادميها، بل تعلن أيضًا تَذمُّرها منهم، وكأنهم خُلِقوا بشرًا أقلَّ قيمةً ومَكانة.
محمد عثمان جلال: مترجم أديب وشاعر مصري، أفنى حياته في الترجمة فتَرَك ميراثًا لا بأسَ به من الكتب والمترجمات. وُلِد «محمد بن عثمان بن يوسف الحسني الجلالي الونائي» عام ١٨٢٨م بقرية «ونا القيس» ﺑ «مركز الواسطى» محافظة «بني سويف». وكان والده موظفًا ببيت القاضي، وتُوُفِّي وهو دون السابعة من عمره؛ فكفله جَدُّه وأدخَلَه «الكُتَّاب»، ثم تلقَّى تعليمَه الابتدائي بمدرسة «قصر العيني الأميرية»، ومنها اختاره أحد أئمة الترجمة «رفاعة رافع الطهطاوي» لدراسة اللغة العربية والفرنسية في «مدرسة الألسن». وبعد تخرُّجه عمل موظفًا بالحكومة، ثم انتُدِب عامَ ١٨٤٥م لتعليم اللغة الفرنسية لأحد رجال ديوان الخديوي وهو «زايد أفندي»، وتدرَّجَ بعد ذلك في سلك الوظائف الحكومية؛ فعُيِّن مترجمًا ﺑ «قلم الكورنتينات» وكان مرتبه مائة قرش، ثم مترجمًا ﺑ «مجلس الطب»، ورُقِّي ليصبح مترجمًا في ديوان «الواردات» بالإسكندرية، ثم رئيسًا للمترجمين ﺑ «ديوان البحرية»، كما عيَّنَه الأمير توفيق (الخديوي فيما بعدُ) رئيسًا لقلم الترجمة بوزارة الداخلية، وكان آخِر المناصب التي تقلَّدَها منصب القضاء ﺑ «المحاكم المختلطة». سار محمد عثمان جلال على نفس نهج مدرسة رفاعة الطهطاوي في الاهتمام بالآداب الفرنسية، ولا سيما كلاسيكيات القرن السابع عشر، فراح ينهل من آداب «لافونتين» و«موليير» و«راسين» و«بوالو»، وأهمَلَ بشكلٍ واضحٍ الكثيرَ من كبار الأدباء الذين كانوا معاصِرين له، مثل «فيكتور هوجو» و«ألفرد دي موسيه». وكانت ترجماته أقربَ إلى التعريب منها إلى الترجمة؛ تماشيًا مع روح العصر؛ حيث حرص محمد عثمان جلال على أن يُضفِي على تعريبه مسحةً مصريةً شرقية، وهذا واضح حتى في ترجمة العناوين؛ فمثلًا رواية «بول وفرجيني» للروائي «برناردين دي سان بيير» عرَّبَها تحت عنوان «الروايات المفيدة في علم التراجيدة». ومن أعماله «الأربع روايات في نخب التيارات»، و«مسرحية الشيخ متلوف» وغيرها الكثير من الأعمال الخالدة في ذاكرة الأدب. تُوُفِّي «محمد عثمان جلال» بالقاهرة عام ١٨٩٨م.