«أنتِ لا تُريدين زوجكِ … لولا أنه لا غِنى لكِ عنه للإنفاق، ولو عرفتِ كيف تُدبرين ذلك الأمر بدونه لكانت مكانتُه أقل ثبوتًا من مكانة إحدى هذه الوسادات.» يطرح «جورج كيلي» في مسرحيته نموذجًا للزوجة الصعبة المِراس، التي تسعى دومًا لإحكام سيطرتها على زوجها، وتَستخدم في ذلك كل الحِيَل الممكنة؛ فتظهر دومًا بمظهر الزوجة الغاضبة، والمتشككة، والآمرة لكلِّ مَن في البيت؛ الزوج، والمربية، والخادمة. ويُقدِّم هذا النموذجَ من خلال شخصية «هارييت»، زوجة «كريج»، وهي زوجة تتمتع بثراءٍ فاحش، وتستغل هذا الثراء في بسط نفوذها وسطوتها، ويُحيل «كريج» كل تصرفاتها العنيفة إلى نشأتها غير المستقرة، وخاصةً أن والدتها مُودَعة بإحدى المصحَّات النفسية، كما يظهر ذلك جليًّا أثناء زيارتها لوالدتها وحديثها مع الطبيب، فيُظهر الحوار مدى الأزمة النفسية التي تُعانيها. ولأن حياةً كهذه من غير الممكن استمرارُها، فماذا سيكون رد فعل الزوج أمام تَصرُّفات زوجته، ومزاجها المضطرب؟ هل سيتحملها حتى النهاية؟ أم سيثور عليها، ويتركها رغم حُبه الشديد لها؟
جورج إدوارد كيلي: مُمثِّل ومُخرِج وكاتبُ مسرحٍ أمريكي، تعكس أعمالُه الدرامية في عشرينيات القرن الماضي نواقصَ الطبقة الوسطى الأمريكية بدقةٍ مُعبِّرة. وُلد «جورج كيلي» في السادس عشر من يناير عام ١٨٨٧م في فيلادلفيا، بنسلفانيا، بالولايات المتحدة الأمريكية، لعائلةٍ ثرية وبارزة اجتماعيًّا، تلقَّى تعليمه في مدارس خاصة، وفي عام ١٩١١م التحق بأخيه للعمل مُمثِّلًا مسرحيًّا، واستمر في التمثيل المسرحي لمدة خمس سنوات. لم تعجبه المادة الدرامية المتوافرة في مطلع القرن العشرين، فقرَّر خوضَ تجربة الكتابة، وشرع فيها بعد عودته من الخدمة العسكرية في فرنسا في الحرب العالمية الأولى. وقد جاءت كتاباته المسرحية محاكاةً للواقع، فأسهَم بدورٍ بارز في المسرح الواقعي، الذي اتخذه منبرًا واسعًا لنقد الطبقة الوسطى الأمريكية، فسلَّط الضوء على عيوبها، كما لم يتأثَّر في كتاباته بالتجارب المسرحية الحداثية. كتب أُولى مسرحياته عام ١٩٢٢م بعنوان «حاملو الشعلة»، قدَّم فيها نقدًا مهمًّا للادِّعاءات الاجتماعية والجمالية لحركة المسرح الصغير التي كانت مُزدهِرة آنذاك في أمريكا، وخاصةً في شيكاغو. وفي عام ١٩٢٤م كتب مسرحيته الشهيرة «عاشق المظاهر» التي رُشِّحت لجائزة «بوليتسر»، وقد حُوِّلت إلى فيلم، وعُرِضت على المسرح الأمريكي عدة مرات. وفي العام التالي عام ١٩٢٥م كتب مسرحيتَه الأكثر شهرةً «زوجة كريج»، التي كانت سببًا في اتساع شُهرته، وقد فاز عنها بجائزة «بوليتسر»، وقد حُوِّلت إلى فيلمٍ عامَ ١٩٣٦م. كما كان له العديدُ من الأعمال المسرحية الأخرى، مثل: «الكلمة الممتعة»، و«الضَّعف القاتل»، و«السيدة ديب سايكس». تُوفِّي «كيلي» في الثامن عشر من يونيو عام ١٩٧٤م في مستشفى برين ماور في بنسلفانيا بالولايات المتحدة الأمريكية، عن عُمرٍ يناهز سبعةً وثمانين عامًا.