يُؤمِنُ المُحقِّقُ «فان دوسين» إيمانًا راسِخًا بأنه ما مِن شيءٍ يَستحيلُ على العقلِ البشري؛ فكلُّ ما يحتاجُ إليه الإنسانُ ليفعلَ أيَّ شيء هو البحثُ عن الطريقةِ المناسِبة. وهو يدَّعي أنَّ المنطقَ قادرٌ على حلِّ جميعِ المُعضِلاتِ والفوزِ في كلِّ التحدِّيات، وقد أثارَ هذا القدرُ البالغُ مِنَ الثقةِ حَفيظةَ اثنَينِ من زُملائِه العلماء، هما «ألفريد فيلدنج» و«تشارلز رانسوم»؛ وتحدَّاه الأخيرُ زاعِمًا أنَّ ثمةَ مواقفَ كثيرةً يقفُ المنطقُ عاجزًا أمامَها، منها على سبيلِ المثال أنه يَستعصِي على المرءِ تحريرُ نفسِه من زنزانةٍ اعتمادًا على تفكيرِه المنطقيِّ فحسب. وبناءً عليه، اتفقَ الثلاثةُ على أن يخوضَ «فان دوسين»، العالِمُ الفَذُّ والمحققُ العبقري الذي يُطلَقُ عليهِ لقبُ «آلةُ التفكير»، هذا التحدِّي؛ فهل سيَنجحُ في اجتيازِه بواسطةِ تفكيرِه فحسب؟ هذا ما سنَعرفُه من خلالِ قراءتِنا لهذهِ القصةِ المُثيرة.
جاك فوتريل: كاتِبٌ أَمرِيكيٌّ وُلِدَ عَامَ ١٨٧٥م فِي مُقاطَعةِ بايك بجُورجِيا، ومَاتَ عَامَ ١٩١٢م فِي شَمالِ الأَطلنْطِيِّ فِي مَأْساةِ غَرقِ البَاخِرةِ تيتانيك. بَدأَ فوتريل حَياتَهُ المِهنيَّةَ فِي سِنِّ الثَّامِنةَ عَشْرَة، عِندَما حَصلَ عَلى وَظِيفةٍ فِي مَجلَّةِ «ذي أتلانتا جورنال». فِي العَامِ التَّالِي، عَمِلَ فِي صَحِيفةِ «ذا بوسطن بوست»، لَكِنَّه عَادَ بَعدَ مُدَّةٍ قَصِيرةٍ إِلى مَجلَّتِه الأُولَى، حَيثُ أَنْشأَ أوَّلَ قِسْمٍ لِأَخْبارِ الرِّياضةِ بِها. انْتَقلَ جاك إِلى صَحِيفةِ «ذا نيويورك هيرالد»، وبَعدَها بوقْتٍ قَصِيرٍ بَدأَ فِي كِتابةِ القِصَصِ البُولِيسيَّة، وفِي عامِ ١٩٠٢، قَبِلَ مَنصِبَ مُدِيرِ مَسْرحٍ جوَّالٍ صَغِيرٍ في مَدِينةِ ريتشموند بوِلايةِ فرجينيا، حَيثُ كَتبَ عِدَّةَ مَسْرحيَّات، واشْترَكَ بالتَّمثِيلِ بِها. بَعدَ عامَيْنِ قَضاهُما فِي المَسْرَح، انْضَمَّ إِلى الطَّاقِمِ التَّحرِيريِّ لجَرِيدةِ «بوسطن أمريكان»، وفِي تِلكَ الفَتْرة، بَدأَ يَكْتبُ سِلْسلةً مِنَ القِصَصِ بَطَلُها شَخْصيَّةٌ تُدْعَى «آلةَ التَّفْكِير»؛ وهُوَ اسْمٌ لمُخْبرٍ سِريٍّ ظَهرَ فِي أَكْثرَ مِن أَرْبعِينَ قِصَّةً مِن قِصَصِه، كَما نُشِرَتْ لَه عِدَّةُ قِصَصٍ فِي الجَرِيدة. أصْبَحَ جاك رِوائِيًّا مَعْروفًا وبَارِزًا فِي أَوائِلِ القَرْنِ العِشْرِين.