كان «الأب براون» يتمشَّى في حديقةِ كلية «ماندفيل» مع رئيس الكلية وأمين صندوقها، قبل أن يُفاجأ الثلاثة بجثتَين مُتيبستَين عند إحدى الطاولات. والغريب أن صاحبَي الجثتَين — وهما اثنان من الأثرياء أصحاب الملايين قد جاءا إلى الكلية لتفقُّدها من أجل تمويل عملية تأسيس برنامج دراسي جديد فيها لتدريس علم الاقتصاد — تناوَلا الغداء معهم قبل وقت قصير. وقد اتجهت أصابع الشك إلى اثنين من أساتذة الكلية؛ أحدهما أستاذ الكيمياء، والآخر أستاذ الاقتصاد الشيوعي، الذي كان صِداميًّا ذا آراء مُتعارضة مع آراء صاحبَي الملايين الرأسماليَّين. وبعد أن قال «الأب براون» إن هذه الجريمة شيوعية، عاد وكشف ببصيرته المعتادة مفاجأةً أذهلت الجميع. فهل القاتل الحقيقي هو ذاك الشيوعي حقًّا؟ وما الذي قصده «الأب براون» حين وصف الجريمة بأنها شيوعية؟ وكيف تيبَّست الجثتان بهذه السرعة؟ وما سر المادة التي وُجدت في حوزة الأستاذ الشيوعي؟ هذا ما سنعرفه من خلال أحداث هذه القصة المُثيرة.
جِلبرت كيث تشسترتون: وُلِدَ جلبرت كيث تشسترتون في لندن عامَ ١٨٧٤، وكانَ من بينِ اهتماماتِه الكثيرةِ النقدُ الأدَبي، والصَّحافة، والدراما، والخَطابة، والفَلْسفة. تميَّزَ تشتسرتون بأعمالِه الروائيَّةِ الرائِعة، وأَشْهرُها سلسلةٌ مِنَ القصصِ البوليسيةِ القصيرةِ بطَلُها واحدةٌ من الشخصياتِ الخالدةِ في أدبِ القرنِ العشرين؛ وهي شخصيةُ «الأب براون»؛ الكاهنِ الرومانيِّ الكاثوليكيِّ القصيرِ المستديرِ الوجه، والمحقِّقِ الهاوي، الذي يعتمدُ في حلِّ الألغازِ وكشْفِ غموضِ الجرائمِ والقضايا على حَدْسِه وفَهْمِه العميقِ للطبيعةِ البشريَّة، وقُدْرتِه على رؤيةِ الشرِّ في النفوس، وملاحظةِ التفاصيلِ الدقيقة. كما أنه يُمارِسُ دوْرَه بصفتِه قَسًّا بمساعدةِ المجرِمِينَ على الاعترافِ والتَّوْبة. وقد ظهَرَ «الأب براون» في أكثر من ٥٠ قصةً قصيرةً نُشِرتْ في الفترةِ بينَ ١٩١٠ و١٩٣٦.