سيظل اسم القائد العربي «خالد بن الوليد» مرتبطًا في الأذهان بأعظم الانتصارات العسكرية لدولة الإسلام الوليدة في شبه الجزيرة العربية وما حولها، وتعود أهمية تلك الانتصارات إلى كونها جاءت في خِضمِّ صراعاتٍ مفصلية وحاسمة في تاريخ المسلمين، وقد استُخدمَت فيها تكتيكاتٌ حربية متميزة أشاد بها المتخصصون في علوم الحرب، ودُرست في الأكاديميات العسكرية المعاصرة؛ حيث اختلفت عمَّا اعتادته العسكرية العربية من أساليب الكَرِّ والفَر؛ إذ فعَّل «ابن الوليد» من دور قوات الاستطلاع، وتفنَّن في أساليب الخداع الاستراتيجي، كما نفَّذ لجيش المسلمين في غزوة «مؤتة» انسحابًا تكتيكيًّا يُدرَّس، فنجا به من هزيمةٍ مُحقَّقة أمام جيش الروم، ليحتفظ بسجلٍّ فريد ليس به هزيمةٌ واحدة. وهذا الكتاب هو شهادة موضوعية علمية عن سيف الله المسلول «خالد بن الوليد»، قدَّمها قائدٌ عسكريٌّ مخضرم، هو الفريق «طه الهاشمي»؛ أحد قادة الجيش العراقي البارزين في النصف الأول من القرن العشرين.
طه الهاشمي: قائدٌ عسكري عِراقي، خدَمَ في الجيش العثماني، وساهَمَ في إخماد ثورة الحوران التي أُشعِلت نِيرانُها من قِبَل الفلاحين الفقراء ضد الإقطاعيين في عهد الدولة العثمانية، كما شارك في حروب البلقان وبعض حروب اليمن. وُلِد «طه بن سليمان الهاشمي» في بغداد عامَ ١٨٨٨م، وتعلَّمَ في المدرسة العسكرية ببغداد، وتخرَّجَ في كلية الأركان في إسطنبول عامَ ١٩٠٩م. بعدَها انتقل إلى اليمن حيث أقام في «تهامة» ثم في «صنعاء»، وعقِبَ انتهاء الحرب العالمية الأولى عامَ ١٩١٨م عاد إلى الآستانة، ثم لحق بأخيه «ياسين حلمي» في سوريا، إلَّا أنه غادَرَها إلى الآستانة مرةً أخرى عقِبَ اندلاعِ معركة ميلسون عامَ ١٩٢٠م. شغل «طه الهاشمي» العديدَ من المناصب؛ حيث كان مديرًا للأمن العام في سوريا، وبعد أن عاد إلى العراق عامَ ١٩٢٢م تولَّى رئاسةَ أركان الجيش العراقي، كما عُيِّن مديرًا عامًّا لوزارة المعارف عامَ ١٩٢٤م، ثم أُعِيد إلى الجيش حيث عمل مدرِّسًا في المدرسة الحربية ببغداد، هذا بالإضافة إلى تَولِّيه منصب وزير الدفاع، كذلك تَولَّى تأليفَ الوزارة، لكنه ما لبث أن استقال وسافر إلى تركيا، ثم إلى سوريا، وعاد ثانيةً إلى العراق حيث عمل في مجلس الإعمار، كما كان عضوًا مُراسِلًا في المَجمَع العِلمي العربي بدمشق. له العديدُ من المُؤلَّفات العسكرية والتاريخية والجغرافية، نذكر منها: «حرب العراق»، و«خالد بن الوليد»، و«جغرافية العراق العسكرية»، و«مفصل جغرافيا العراق»، و«أطلس العراق»، و«الوَحْدة الإيطالية»، و«تاريخ الأديان وفلسفتها»، و«تاريخ الحرب»، و«تاريخ الشرق القديم»، و«التاريخ والحضارة في الأزمنة الغابرة»، و«جغرافيا بلاد العرب»، و«الخدمة السفرية»، و«خريطة العراق الشمالي»، و«دروس في المعلومات العسكرية»، و«سَفَر خالد بن الوليد من العراق إلى الشام»، و«مذكرات طه الهاشمي»، و«نهضة اليابان وتأثير رُوح الأمة في النهضة». تُوفِّي «طه الهاشمي» في تركيا عامَ ١٩٦١م، ودُفِن في بغداد مَسْقطِ رأسه.