طيَّ هذا الكتاب تأريخٌ موجز لسيرة حياة واحدٍ من أعظم وأبرز الشخصيات في التاريخ الإسلامي؛ إنه فاتح القسطنطينية العظيم وسابع السلاطين العثمانيين «محمد الثاني». «محمد الفاتح» رجلٌ من الرجال الأفذاذ الذين قدَّموا للدولة العثمانية خدماتٍ جليلة، وتركوا في العالم أثرًا لا يُمحى، واسمًا خالدًا في ذاكرة التاريخ؛ فكان بحقٍّ رجلَ دولةٍ من طراز رفيع، وعلى الرغم من تولِّيه الحكم في سنٍّ صغيرة، فإنه استطاع على مدى ثلاثين عامًا أن يخوض العديد من المعارك الضارية، وأن يُحقِّق فتوحاتٍ عظيمة، كان أشهرها فتح القسطنطينية وسقوط آخر مَعاقل البيزنطيين في الشرق؛ الأمر الذي يُعَد نقطة تَحوُّل كبيرة وفاصلة في التاريخ الإسلامي. وقد سبق هذا الفتحَ العظيم استعداداتٌ كثيرة، يوجزها لنا المؤلفُ في هذا الكتاب، فضلًا عن تفصيله الجهود المضنية التي بذلها «الفاتح» من أجل رِفعة شأن دولته سياسيًّا واقتصاديًّا وعلميًّا؛ حتى أصبحت في عهده منارةً للعلوم والفنون، وتوافد إليها أنبغُ العلماء من كلِّ حدبٍ وصوب.
نامق كمال: أديبٌ ومُفكر وشاعر وصحفيٌّ تركي، عُرف ﺑ «شاعر الوطن» و«شاعر الحرية»، ومن رُواد التيار القومي التركي في القرن التاسع عشر. مُنح وسام «النيشان العثماني» عام ١٨٨٢م، وميدالية «امتياز السلطان» عن أعماله في جزيرة رودس. وُلد «محمد نامق كمال» في مقاطعة «تاكيرداغ» عام ١٨٤٠م، وعاش طفولته في كنف جده لأمه «عبد اللطيف باشا» الذي كان واليًا على مقاطعة «تاكيرداغ» ثم مقاطعة «أفيون». لم يستطع أن يَتلقَّى تعليمه بصورةٍ منتظمة؛ فاكتفى بالتعلم من خلال الدروس في منزله ﺑ «أفيون»؛ فتَعلَّم اللغتين العربية والفارسية. بعدها انتقل مع جده إلى إسطنبول، وهناك التحق بمدرسة «باينيد رشدية»، ثم مدرسة «الوالدة»، وبعد ذلك سافر إلى «قارص»، وفيها تَعلَّم الأدب الديواني والصيد والفروسية، ثم عاد إلى إسطنبول، وبدأ بكتابة أشعاره وتَعلَّم الأدب الغربي والتاريخ والقانون، فضلًا عن اللغة الفرنسية. تَزوَّج من «نسيمة مصطفى راغب أفندي» ورُزق منها بابنتَين ووَلد، وهم: «فريدة» و«علوبة»، و«علي أكرم». بدأ عمله متدربًا في غرفة ترجمة الباب العالي بإسطنبول عام ١٨٥٧م. وفي عام ١٨٥٩م عمل في مصلحة الجمارك. وفي عام ١٨٦٣م تم تعيينه مرةً أخرى في غرفة الترجمة لمدة أربعة أعوام. وفي عام ١٨٦٥م أصدر أول جريدةٍ له نَشر فيها العديد من المقالات السياسية المُعادية لسياسة الحكومة آنذاك؛ فكان هذا سببًا في إغلاق الجريدة عام ١٨٦٧م. بعدها فرَّ إلى باريس؛ حيث انضم إلى حركة «الشباب العثمانيين»، وكانت لها جريدة تُسمَّى «الحرية». وبعد سنواتٍ عاد إلى إسطنبول بعد العفو عنه بشرط الابتعاد عن السياسة، لكنه ما لبث أن أصدر جريدة «عبرت» المُعارِضة أيضًا التي أُغلِقت أكثر من مرة ونُفي على أثرها إلى قبرص. وبعد شهورٍ عاد إلى إسطنبول، وتم تعيينه في هيئة صياغة الدستور العثماني، لكنْ لمَواقفه السياسية حُكم عليه بالنفي والإقامة الجبرية في جزيرة كريت، ثم رودس حيث عمل بها متصرفًا. من أهم مؤلفاته: «سيرة الفاتح»، و«جلال الدين خوارزم شاه»، و«القدر الأسود»، و«الطفل المسكين»، و«عاكف بك» وغير ذلك الكثير. وقد وافته المَنية في جزيرة كريت عام ١٨٨٨م.