لا يمكن إنكارُ جهود رجال حملوا مشاعل النهضة العربية الحديثة رغم قسوة ظروف مجتمعاتهم، فتارة يحاربهم الجامدون، وتارةً أخرى يضطهدهم الحكام المُستبدون يريدون أن يسكتوا ألسنتهم عن الحق. من هؤلاء العظام كان الشيخ «عبد القادر المغربي» الذي كانت نشأته العلمية المتينة خير زاد لرحلته الإصلاحية، يدفعه شغفه بالتعلم والاطلاع فيتسع أفقه ويتأثر بآراء الشيخين الإصلاحيين «الأفغاني» و«محمد عبده» التي كانا يجهرا بها في جريدة «العروة الوثقى» فيستشعر أهمية الصحافة، ويرى أنها الوسيلة الوحيدة لإصلاح حال أمته وتخليصها من الجهل والفوضى، فيدبج مقالات قيمة سهلة اللفظ خالية من الصنعة المتكلفة يرصد فيها قضايا مجتمعه، كما يقف بالمرصاد لكل من يتهجم على الدين أو اللغة العربية مستخدمًا أسلوب يقارع الحجة بالحجة، كذلك قدم الكثير من المؤلفات التي عرض فيها وجهة نظره الإصلاحية.
محمد أسعد طلس: أديب ومفكر سوري. هو «محمد أسعد عبد الوهاب مصطفى محمد طلس»، وُلد بمدينة «حلب» السورية عام ١٩١٣م، وكان والده الشيخُ «أسعد عبد الوهاب» من وجهاء المدينة، فاهتم بتعليمه وأرسله إلى «المدرسة الخسروية»، ثم سافر إلى القاهرة ليستكمل تعليمه بمدارسها، وبعدها إلى فرنسا للدراسة في «جامعة بوردو» حيث حصل على درجة الدكتوراه في الأدب، وعندما عاد انتُدِب للعمل ﺑ «المعهد الفرنسي» بدمشق، ولكنه لم يلبث أن لجأ إلى العراق مع انقلاب «الشيشكلي» على رئيس سوريا (آنذاك) «سامي الحناوي»، فعمل هناك بالتدريس في كلية الآداب ببغداد، وكتب في تلك الفترة فهرس «مخطوطات مكتبة الأوقاف»، ثم عاد أخيرًا إلى بلاده حيث عمل مديرًا لمؤسسة اللاجئين. تميَّزت كتاباته بأنها ذات نزعة إسلامية عروبية؛ حيث أمدَّ المكتبة العربية بالعديد من المؤلَّفات التي تبحث في التاريخ العربي والحضارة الإسلامية وروَّاد نهضتها، نذكر من تلك الكتب: «الآثار الإسلامية التاريخية في حلب»، و«مصر والشام في الغابر والحاضر»، و«التربية والتعليم في الإسلام» وغيرها. تُوفِّي عام ١٩٥٩م في مسقط رأسه بحلب عن ستة وأربعين عامًا.