«كان أحدُ أوجُه اختلاف يونج مع فرويد إيمانَ يونج بأن المركَّبات التي يتشكَّل منها اللاوعي الشخصي قائمةٌ في الأصِحَّاء وفي المرضى على حدٍّ سواء، بل كان يرى أنها نُوَيَّات قائمة في كلِّ نفس، على عكس فرويد الذي كان يرى أنها تقتصر على المرضى …»يُعَد «كارل جوستاف يونج» أحدَ أهمِّ مؤسِّسي علم النفس في النصف الأول من القرن العشرين، ورائدَ علم النفس التحليلي الذي يسبر أغوارَ النفس البشرية بهدف فَهم دوافعها ومحرِّكاتها وآلياتها، وقد جاء هذا الكتاب ليسلِّط الضوء على حياة «يونج»، ودراسة أفكاره، وتطوُّرها. وبالرغم من أنه تلميذ عالِم النفس الشهير «سيجموند فرويد»، فقد انشقَّ عنه فيما بعد لاختلافهما في الوسيلة؛ فبينما ركَّز «فرويد» على اللاوعي الفردي، ذهب «يونج» إلى ما هو أبعد من ذلك؛ حيث ركَّز على اللاوعي الجمعي الذي يشمل كل ما ورثناه من أسلافنا البشرية عبر العصور الغابرة والممتدة، ويتجسَّد في صورٍ رمزية يشترك فيها جميع البشر على مدى التاريخ، ويتجلَّى على سبيل المثال فيما نقرؤه من الأساطير وما نراه في الأحلام.
محمد عناني: مُبدِع مصري موسوعي، كتب في الشعر والمسرح والنقد الأدبي، لكن مشروعه الأكبر كان في الترجمة؛ فأبدع فيها حتى استحقَّ لقب «شيخ المُترجِمين». وُلد «عناني» في مدينة رشيد بمحافظة البحيرة عام ١٩٣٩م. حصل على درجة البكالوريوس في اللغة الإنجليزية من جامعة القاهرة عام ١٩٥٩م، ثم على درجة الماجستير من جامعة لندن عام ١٩٧٠م، وعلى درجة الدكتوراه من جامعة ريدنغ عام ١٩٧٥م، ثم على درجة الأستاذية عام ١٩٨٦م. عمل مُراقِبَ لغةٍ أجنبية بخدمةِ رصد «بي بي سي» في الفترة من عام ١٩٦٨م إلى عام ١٩٧٥م، ثم محاضرًا في اللغة الإنجليزية بجامعة القاهرة منذ عام ١٩٧٥م، ورئيسًا لقسم اللغة الإنجليزية بالجامعة بين عامَي ١٩٩٣م و١٩٩٩م. وطوال مَسيرته التدريسية بالجامعة تَخرَّج على يدَيه عشراتُ الآلاف من الطلاب، وأشرف على مئات الرسائل الجامعية. اتَّسم الإنتاجُ الأدبي ﻟ «عناني» بالتنوُّع، فجمع بين التأليف والترجمة والنقد الأدبي؛ فمن بين أعماله المُؤلَّفة: «السجين والسجَّان»، و«السادة الرعاع»، و«جاسوس في قصر السلطان». أما مُؤلَّفاته العلمية في الترجمة والنقد الأدبي فمنها: «الترجمة الأسلوبية»، و«النقد التحليلي»، و«التيارات المعاصرة في الثقافة العربية»، و«الترجمة الأدبية بين النظرية والتطبيق». أما أعماله المُترجَمة فأهمها ترجمته لتراث «شكسبير» المسرحي بأكمله، وبعض أعمال «إدوارد سعيد» مثل: «الاستشراق وتغطية الإسلام»، و«المثقف والسلطة»، فضلًا عن أعمال أخرى مثل: «الفردوس المفقود»، و«ثلاثة نصوص من المسرح الإنجليزي». كما ساهَم في ترجمة الكثير من المُؤلَّفات العربية إلى الإنجليزية، وعلى رأسها مُؤلَّفات «طه حسين»، ودواوين ومسرحيات شعرية لكلٍّ من «صلاح عبد الصبور»، و«عز الدين إسماعيل»، و«فاروق شوشة». نال العديدَ من الجوائز؛ منها: «جائزة الدولة في الترجمة»، و«وسام العلوم والفنون من الدرجة الأولى»، و«جائزة الدولة في الآداب»، و«جائزة الملك عبد الله الدولية في الترجمة»، و«جائزة رفاعة الطهطاوي في الترجمة»، وغير ذلك من الجوائز العربية والمصرية المتميزة. رحَل الدكتور «محمد عناني» عن دُنيانا في الثالث من يناير عام ٢٠٢٣م، عن عمرٍ يناهز ٨٤ عامًا، تاركًا خلفه إرثًا عظيمًا من الأعمال المترجَمة والمؤلَّفة.