«هذه المحاضَرات وَحْدة متكاملة تصوِّر تطوُّرَ خطاب نصر أبو زيد، أضعُها بين يدَي القارئ وبين أيادي الثقافة، وأضيف إلى المحاضَرات الأربع النصوصَ التي كتبتُها عن خطاب نصر أبو زيد، خلال العَقد الماضي؛ لتضع محاضَراته هذه في سياقِ تطوُّر هذا الخطاب، وأختمها بقائمةٍ مؤرَّخة ومرتَّبة تاريخيًّا لكتابات نصر أبو زيد، من عام ١٩٦٢م حينما كان في التاسعة عشرة، حتى آخِر كُتبه الذي نُشر بعد عامَين من رحيله، عام ٢٠١٢م.»يَتتبَّع «جمال عمر» في هذا الكتاب تطوُّرَ كلٍّ من أفكارِ «نصر أبو زيد» ذاته وخطابِه، في محاولةٍ لدراسةٍ أعمقَ لتجرِبة «أبو زيد» الفكرية، وتفاعُلها مع الواقع؛ فيتعرَّض لبداياتِ التجرِبة، بدْءًا من الاشتراكية في الستينيات وتفاعُل الخطاب الديني معها، ورفعِ شعار «الناس سواسِية كأسنان المُشط»، ثم الانفتاحِ الاقتصادي وتفاعُل الخطاب الديني معه أيضًا، ورفع شِعار «ورَفَعنا بعضَكم فوق بعضٍ درجات». فأمام تفاعُل الخطاب الديني مع هذَين النقيضَين تَولَّد لدى «أبو زيد» الكثيرُ من الأسئلة حول طبيعة النصِّ القرآني وتوظيفِه، والتفسيرات المتعدِّدة، ثم تطوَّر فكرُه في دراستِه الأكاديمية حول فِكر المعتزلة، ثم «ابن عربي»، وما تلاهما من مراحلِ نُضجِ مشروعه الفِكري واكتمالِه، وإدراك الفارق بين المعنى والتأويل، والسِّياق الزمني والتاريخي والاجتماعي والاقتصادي للتفسيرات المتعلِّقة بالنص القرآني، وتصوُّرِه كخطابٍ يجب فهمُه في سِياقٍ معاصر.
جمال عمر: كاتب وباحث مصري، وُلد في ٢٠ نوفمبر ١٩٧٠م، في قرية بطا بمركز بنها بمحافظة القليوبية. تَدرَّج في التعليم العام حتى تَخرَّج في كلية التربية بجامعة بنها، وقد الْتَحق بعد ذلك بكلية الآداب لدراسة الفلسفة، وذلك أثناء عمله معلمًا لمدة عامٍ واحد، وفي عام ١٩٩٧م ترك مصر وانتقل للعيش في الولايات المتحدة الأمريكية. عمل «جمال عمر» منذ عام ١٩٩١م على جمعِ فكرِ الكاتب الراحل «نصر أبو زيد» وتراثِه وتسجيلاته، وقد تعاون معه في عدة أبحاث منذ عام ٢٠٠٧م، وأنشأ معه مُدوَّنة «رواق نصر أبو زيد» عام ٢٠٠٩م، واستمرت المُدوَّنة حتى وفاة «نصر أبو زيد» عام ٢٠١٠م، ومن خلال هذا التعاون استطاع «جمال عمر» تأسيسَ أرشيفٍ كبير جمَع فيه عددًا كبيرًا من كتابات «نصر أبو زيد» وتسجيلاته. أما عن مُؤلَّفاته، فنذكر منها: «مهاجر غير شرعي»، و«تغريبة»، و«مقدمة عن توتر القرآن»، و«مدرسة القاهرة في نقد التراث والأشعرية»، و«الخطاب العربي في متاهات التراث» بالإضافة إلى إعداد ودراسة لكتاب «الهداية والعرفان في تفسير القرآن بالقرآن» للكاتب «محمد أبو زيد الدمنهوري» بعد مصادرته لأكثر من قرن من الزمان.