«كان لذكرياتي الأولى عبيرُ الأرض، لقد فَعل الريف بحياتي فِعل السِّحر، إن للأرض وللهوامِّ وللحيوانات وللفلاحين أفكارًا لا تصل إلى الجميع، إنني أسيطر عليها الآن بنفس الروح التي كنتُ أسيطر عليها بها في طفولتي … لقد كنتُ طفلًا مُحبًّا للاستطلاع، وكنتُ أتابع آنَذاك عمليةَ حرثِ أرض والدي في أعماق الريف، ولقد أحببتُ مشاهدة النِّصال الحديدية الهائلة تفتح جِراحًا في الأرض؛ جِراحًا تنبجس منها الجذورُ بدلًا من الدماء.»يروي هذا الكتاب سيرةَ حياة «لوركا»؛ أحدِ أهم شعراء إسبانيا في القرن العشرين، والعلاقةَ الحميمة التي ربطته بمعشوقته «غرناطة» التي وُلد ونشأ فيها، بتاريخها المجيد، وحاضرها المؤلم، فظلَّ وفيًّا لها طَوال حياته، يَتُوق دائمًا إلى العودة إليها. وقد انعكسَت هذه العلاقة على شخصيته؛ فكان رومانسيًّا محبًّا للطبيعة والريف، ومُناهضًا لكل أشكال الظلم الاجتماعي، ويظهر ذلك جليًّا في قصائده. يسرد الكتاب جميعَ مراحل حياته، وخاصةً مرحلةَ الجامعة التي ساهَمت في تشكيل وعيه، وانتقالَه إلى مدريد التي كانت تمثِّل تجمُّعًا ثقافيًّا ومركزًا للحركة الفنية الطليعية، ويَصِف لنا صداقتَه الوطيدة بالرسَّام السيريالي «سلفادور دالي» وتأثُّره به، ورحلتَه إلى نيويورك التي سجَّلها في ديوانه «شاعر في نيويورك»، وأحداثَ عامِ ١٩٣٦م الذي كان حاسمًا في تاريخ إسبانيا عامةً، وفي حياة شاعرنا خاصةً؛ حيث أُعدِم فيه أثناءَ الحرب الأهلية.
ماهر البطوطي: مُترجِم الروائع الأدبية. وُلد «ماهر البطوطي» في محافظة طنطا، وانتقل إلى القاهرة لاستكمال دراسته الجامعية؛ حيث درس اللغة الإنجليزية في كلية الآداب بجامعة القاهرة. شغلت الترجمة حيزًا كبيرًا من حياته؛ حيث عمل ملحقًا ثقافيًّا في إسبانيا، وهو ما أتاح له الاطِّلاع على الآداب الإسبانية. ثم انتقل إلى نيويورك منذ عام ١٩٧٨م، حيث عمل مترجمًا ومحررًا في الأمم المتحدة، حتى تَقاعَد. تَنوَّع إسهامه الأدبي ما بين الترجمة والتأليف، فتَرجَم عن «فدريكو جارسيا لوركا»، و«ميجيل أنخيل أستورياس»، و«نيرودا»، و«جيمس جويس»، فضلًا عن مؤلَّفاته التي أَثْرت المكتبة العربية، ومنها مذكراته «الجيل الرائع: وقائع حياة بين الكتب والفن»، وكتابه «قاموس الأدب الأمريكي»، و«الرواية الأم» الذي تَعرَّض فيه ﻟ «ألف ليلة وليلة» التي تأثَّر بها الكثير من الآداب العالمية. يقول «ماهر البطوطي» عن الترجمة إنه يترجم ما يحب؛ لذا فإن ترجماته لها صدًى كبير في نفوس القراء، ولا يزال قادرًا على إثراء الحياة الأدبية والثقافية بما يكتبه ويترجمه.