الشاعرُ الرقيقُ والصحفيُّ الظريفُ «كامل الشناوي»؛ أحدُ فُرْسان الكلمةِ ورُهْبان الأدب، الذي كرَّس حياتَه لعالَمٍ مثاليٍّ مِنَ الأفكارِ الرشيقةِ التي لم تخْلُ من سخريةٍ مريرة، وتفرَّدَ بقصائدِه الشعريةِ الحالمة؛ فمَن ينسى قصيدتَه الغنائيةَ الشهيرةَ «لا تكذبي»؟! في الحقيقةِ يقفُ خلفَ هذه الموهبةِ العظيمةِ تجرِبةٌ ثريةٌ عميقةٌ عاشَها الشناوي؛ فقد عرفَ أدباءَ وصحفيينَ وفنانينَ وسياسيينَ كبارًا أضافُوا الشيءَ الكثيرَ لفكرِه، بعضُهم رآهُم رأيَ العين، فطالَت بينَه وبينَهم المناقشاتُ والأحاديث، منهم «إحسان عبد القدوس» و«الحكيم»، والبعضُ الآخرُ لم يعرفْه إلا من خلالِ صفحاتِ الكتبِ والمقالاتِ التي تركُوها خلفَهم. سنقتربُ أكثرَ من هذه التجربةِ ونقابلُ بعضًا ممَّن عرفَهم أو اطَّلعَ على فكرِهم خلالَ صفحاتِ هذا الكتاب.
كامل الشناوي: هو واحدٌ من كبارِ شعراءِ مصرَ في القرنِ العشرين، عاشَ حياةً مليئةً بالإبداع. وُلدَ كامل الشناوي في قريةِ نوسا البحر بمركز أجا محافظة الدقهلية عامَ ١٩٠٨م، شقيقُه هو المؤلفُ مأمون الشناوي، وكانَ والدُه سيد الشناوي رئيسًا للمحكمةِ العليا الشرعية، وهو أعلى منصبٍ قضائيٍّ في ذلك الوقت، كما كانَ عمُّه الشيخُ محمد مأمون الشناوي شيخَ الأزهرِ الشريف. التحقَ كامل الشناوي بالأزهر، ولكن لم يبْقَ فيه سوى خمسِ سنوات، بعدَها تفرَّغَ للاطِّلاعِ والمعرفةِ وحضورِ مجالسِ الأدباء، وانكبَّ على دراسةِ الآدابِ العربيةِ والأجنبيةِ في شتَّى عصورِها. اشتغلَ كامل الشناوي بالصحافةِ مع عميدِ الأدبِ العربيِّ طه حسين في جريدةِ الوادي عامَ ١٩٣٠م. من مؤلَّفاتِه: «اعترافاتُ أبي نواس»، و«أوبريت جميلة»، و«الليلُ والحبُّ والموت». عُرِفَ بجمالِ شِعرِه الغنائيِّ ورقَّتِه، وقد غنَّى له كبارُ روَّادِ الفنِّ والغناءِ في الوطنِ العربي، مثل: محمد عبد الوهاب، وعبد الحليم حافظ، وفريد الأطرش، ونجاة الصغيرة، وغيرهم. من أبرزِ وأجملِ قصائدِه: حَبِيبها، لا تَكذِبي، لست قلبي، يومٌ بلا غَد، حَياتي عَذاب، الليلُ والحبُّ والموت، وكانَ آخِرَ أعمالِه الفنيةِ أوبريت «أبو نواس». تُوفِّيَ في القاهرةِ عامَ ١٩٦٥م.