«الهدف من كتابة هذه الكلمات ليس روايةَ سيرةٍ ذاتية، ولكن مجرد تسجيل بعض الملاحظات حول أحداثٍ حقيقية، ما حدث بالفعل، فلا أقعُ في شِراك الخيال؛ ذلك القرين الذي يُرافق المبدع في لحظات الكتابة.»بين أيدينا صفحاتٌ من حياة الكاتب الكبير «محمد جبريل» يرويها لنا بأسلوبٍ أدبيٍّ أخَّاذٍ كعادته، ويُطلعنا فيها على الكثير من الأحداث السياسية والثقافية والاجتماعية التي جرَت في أواخر ثلاثينيات القرن العشرين، كما يحكي لنا عن طفولتِه، وحياةِ والدَيه وآلامِهما، ومعاناتِهما مع المرض، وأجملِ ذكرياتهما معًا. ولا يغفل «جبريل» أن يُحدثنا في حكاياته عن ذلك الحيِّ من الإسكندرية الأعمقِ أثرًا في نفسه ومصدرِ إلهامه في كتابة رواياته، وهو «حي بحري»، الذي مثَّل له الميلادَ والطفولة والنشأة، وبداية التعرُّف إلى كلمة وطن. ويروي لنا الكاتب كذلك سيرةَ «قاضي البهار» المغربي الذي وفد إلى الإسكندرية في القرن التاسع عشر، وانفرد ببطولة إحدى روايات «جبريل» القصيرة. ويضمُّ الكتابُ أيضًا حكاياتٍ شائقةً عن جزيرة فاروس، رمز مدينة الإسكندرية، تلك المدينة الساحرة والآسرة، وحكايات أخرى كثيرة.
محمد جبريل: كاتب وروائي وصحفي مصري، ويُعَد أحدَ أبرز الروائيين المعاصِرين؛ حيث أثبَت في أعماله الأدبية كفاءةً عالية في السرد القصصي والروائي، ولاقَت أعماله استحسانًا كبيرًا لدى الأدباء والنقاد والقرَّاء في مصر وخارجها. وُلد في عام ١٩٣٨م بمحافظة الإسكندرية، عمل أولًا في الصحافة، حيث بدأت مسيرته التحريرية في القسم الأدبي بجريدة «الجمهورية» عامَ ١٩٦٠م، ثم انتقل إلى جريدة «المساء»، ثم أصبح مديرًا لتحرير مجلة «الإصلاح الاجتماعي» التي كانت تصدر شهريًّا، كما عُيِّن خبيرًا بالمركز العربي للدراسات الإعلامية للسكان والتنمية والتعمير في عام ١٩٧٤م، وعُيِّن مديرًا لتحرير جريدة «الوطن» العمانية في عام ١٩٧٦م، فضلًا عن عضويته في اتحاد الكُتَّاب المصريين، وجمعية الأدباء، ونادي القصة، ونقابة الصحفيين المصريين، واتحاد الصحفيين العرب. إلى جانب عمله الصحفي الذي تميَّز به، كان شَغُوفًا بالعمل الأدبي أيضًا؛ حيث ألَّف العشرات من المجموعات القصصية والروايات التي اتَّسمَت بطابعها التاريخي والسردي والتراثي، وتُرجِم بعضها إلى الإنجليزية والفرنسية والألمانية والماليزية، وكانت له مشارَكات فعَّالة في عددٍ من الندوات والمؤتمرات والمهرجانات الثقافية، داخل مصر وخارجها، ونالت بعض أعماله شهاداتٍ وجوائزَ تقديريةً مرموقة، فحصل على جائزة الدولة التشجيعية في الأدب عام ١٩٧٥م، ونال وِسامَ العلوم والفنون والآداب من الطبقة الأولى عام ١٩٧٦م، كما حصل على جائزة الدولة التقديرية عام ٢٠٢٠. ومن أعماله الأدبية البارزة: «تلك اللحظة»، و«الأسوار»، و«هل»، و«قاضي البهار ينزل البحر»، و«اعترافات سيد القرية»، و«زهرة الصباح»، و«الشاطئ الآخَر»، و«برج الأسرار»، و«حارة اليهود»، و«البحر أمامها»، و«مصر في قصص كُتَّابها المعاصِرين»، و«كوب شاي بحليب»، وغير ذلك الكثير، فضلًا عن المقالات والدراسات الأدبية والسِّيَر الذاتية.