يُفرد لنا الكاتب رأيه بين طيات هذا الكتاب موضحًا أهمية العلم، والدور البارز الذى يلعبه فى شتى مناحى الحياة، وكيفية ارتقاء العلم بها، فدورالعلم فى السياسة يجب أن يكون مساندًا لها؛ حتى تُحقق السياسة غاياتها النبيلة المرجوة منها، ويُجلى عنها شرورها الكامنة، وكيف أن العلم بمختراعاته الحديثة جَدد للصناعة شبابها وأسهم فى حل مشكلاتها — وقد عددَّ لنا الأمثلة للدلالة على ذلك — وأبان لنا كيف أن المال لا تُحْسَن إدارته إلا بالعلم الذى يعمل على نموه وسمو غايات مصارفه، و كيف أن الدين هو الداعم الأول للعلم وليس مقيِّدًا له. وكيف أن الشباب يجب عليهم أن يهتموا بالعلم واستنباط أسانيده؛ ويرى مشرفة أن الدول العربية لن تتقدم إلا بتمكين العلم فيها. ويرى أيضًا أن الأخلاق هى التى ترتقى بالعلم فوق الصغائر والدنايا.
علي مصطفى مشرفة: عالِمُ فيزياء مِصريٌّ كبير، لُقِّب ﺑ «أينشتاين العرب» لنبوغه في الفيزياء النووية. مُنِح لقبَ أستاذ من جامعة القاهرة وهو دون الثلاثين من عمره، وانتُخِب في عام ١٩٣٦م عميدًا لكلية العلوم، فأصبح بذلك أولَ عميدٍ مِصري لها، وتتلمذ على يده مجموعة من أشهر علماء مصر، من بينهم سميرة موسى. وقد حصل على لقب البشاوية من الملك فاروق. وُلِد علي مصطفى مُشَرَّفة في الحادي عشر من يوليو عام ١٨٩٨م في مدينة دمياط، وكان الابنَ الأكبر لمصطفى مشرفة؛ أحدِ وُجَهاء تلك المدينة وأثريائها. تلقَّى دروسَه الأولى على يد والده ثم في مدرسة «أحمد الكتبي»، وكان دائمًا في مقدمة أقرانه. نشأ في أسرة غنية، إلا أنَّ والده تعرَّض لخَسارةٍ كبيرةٍ وتُوفِّي على إثْرِها، فاضطرَتِ الأسرةُ إلى الانتقال إلى القاهرة. الْتَحقَ مُشرَّفة بمدرسة العباسية الثانوية بالإسكندرية، ثم بالمدرسة السعيدية بالقاهرة حتى تخرُّجه فيها عامَ ١٩١٤م وكان ترتيبه الثاني على القُطْر المصري. انتسب إلى دار المُعلِّمين العليا وتخرَّجَ فيها بعد ثلاث سنوات بالمرتبة الأولى؛ ممَّا أهَّلَه للسفر في بعثةٍ عِلْمية إلى بريطانيا على نَفقةِ الحكومة. تخرَّجَ عامَ ١٩١٧م في جامعة نوتنجهام الإنجليزية، ثم حصل على الدكتوراه من الكلية الملكية في فلسفة العلوم عامَ ١٩٢٣م، ثم حصل عامَ ١٩٢٤م على دكتوراه العلوم من جامعة لندن؛ وهي أعلى درجة علمية في العالَم لم يَتمكَّن من الحصول عليها سوى ١١ عالِمًا في ذلك الوقت، ثُمَّ عُيِّن أستاذًا للرياضيات في مدرسة المعلمين العليا، ثم للرياضة التطبيقية في كلية العلوم بالقاهرة ١٩٢٦م. أثرى الدكتور علي مصطفى مُشرَّفة الحياةَ العِلمية المصرية بالكثير من المُؤلَّفات، من أهمها: «الميكانيكا العِلْمية والنظرية»، و«الهندسة الوصفية»، و«مطالعات علمية»، و«الهندسة المستوية والفراغية»، و«حساب المثلثات المستوية»، و«الذرة والقنابل الذرية»، و«العلم والحياة»، و«الهندسة وحساب المثلثات»، و«نحن والعلم»، و«النظرية النسبية الخاصة». تُوفِّي في ١٥ يناير ١٩٥٠م إثرَ أزمةٍ قلبية، ويُشاع أنه تُوفِّي مسمومًا، وقيل إن أحد مندوبي الملك فاروق كان وراء وفاته، كما قيل أيضًا إنها إحدى عمليات جهاز الموساد الإسرائيلي.