مثَّلَ «أبو حامد الغزالي» حالةَ التناحُرِ الفكريِّ والفلسفيِّ التي عاشَها العصرُ العباسي؛ عصرُ ازدهارِ الترجمةِ والنَّقل، عصرُ المُتكلِّمينَ والفلاسفة؛ فقد نَهَلَ «الغزالي» من كلِّ العلومِ والمعارِف، وسارَ في دروبِ المَدارسِ الفَلسفية، حتى وصَلَ إلى مرحلةِ الشكِّ في كلِّ شيء، ووجَدَ أن منابعَ الدينِ والشرائعِ الأُولى في خطرٍ بعدَ أن أحاطَ بها جمودُ الفِكر؛ فشرَعَ في تحريرِ النفسِ والقلبِ من قيودِ العصر، عن طريقِ إرجاعِ العامَّةِ لأصولِ الدينِ ومَشاربِهِ الروحيةِ والعَقَديةِ الأُولى. والكاتبُ هنا يَرصدُ ظروفَ نشأةِ «الغزالي»، ونظرتَه في الرُّوحِ والنفسِ التي سبَقَ بها جهابذةَ الغرب، واتخاذَه الشكَّ منهجًا واعتقادَه فيه، والقولَ بباطنيةِ المَعرِفة؛ ومِن ثَمَّ ارتباطُه بالتصوُّف، والتنظيرُ له، إلى أن أصبحَ حُجةً للإسلام، ومجدِّدًا له في القرنِ الخامسِ الهِجري.
طه عبد الباقي سرور: كاتبٌ وباحثٌ مِصري، اهتمَّ بالتنقيبِ في تاريخِ التصوُّفِ الإسلامي، وألَّفَ فيهِ العديدَ من الكتبِ التي عُنِيَ فيها بدراسةِ أعلامِ المُتصوِّفين، فجاءتْ كتُبُه محيطةً ومُدقِّقةً وغنيةً في بابِها. من مؤلَّفاتِه: «الغزالي»، و«شَخْصيات صوفية»، و«من أعلامِ التصوُّفِ الإسلامي»، و«الحسين بن منصور الحلَّاج شهيدُ التصوُّف الإسلامي»، و«رابعة العدويَّة والحياةُ الرُّوحيةُ في الإسلام»، و«مُحيي الدين بن عربي»، و«أبو عبيدة بن الجراح»، و«الشعرانيُّ والتصوُّفُ الإسلامي»، و«دولةُ القرآن»، و«خديجةُ زوجةُ الرسول»، و«جمال عبد الناصر: رجلٌ غيَّرَ وجهَ التاريخ»، و«أبو القاسم الشابي: شاعرُ الشبابِ والحرية». تُوفِّيَ بالقاهرةِ عامَ ١٩٦٢م.