لا تُذكر «الصوفية» وما تشتمل عليه من تجارب رُوحانية عميقة، تهدف إلى تزكية النفوس والارتقاء بها، إلَّا ويُذكر «محيي الدين بن عربي»؛ شيخ المتصوفين الأكبر منذ القرن السابع الهجري، رجل الأسرار، صاحب المقامات والكرامات واللدُنِّيات، ومؤلِّف «الفتوحات المكية» ذائعة الصيت. وبقدر ما بلغه «ابن عربي» في مملكة التصوف من رفيع المكانة، وما حازه من العلوم الدينية والعطايا الربانية، بقدر ما وقع الخلاف بشأنه «شخصًا وطريقةً»، فكان له من المؤيدين والمريدين كثيرون، وله من المُهوِّنين والقادحين الكثير، غير أن أحدًا لا يختلف على غَزارة إنتاجه، وعظمة آثاره، وفَرادة فكره وأسلوبه. على كل هذا وغيره من جوانب ذلك العَلَم من أعلام الصوفية، يُطلِعنا «طه عبد الباقي سرور» في كتابه الذي بين أيدينا، مانحًا قارئه إطلالةً متميِّزةً على مشهدٍ مثيرٍ للإعجاب.
طه عبد الباقي سرور: كاتبٌ وباحثٌ مِصري، اهتمَّ بالتنقيبِ في تاريخِ التصوُّفِ الإسلامي، وألَّفَ فيهِ العديدَ من الكتبِ التي عُنِيَ فيها بدراسةِ أعلامِ المُتصوِّفين، فجاءتْ كتُبُه محيطةً ومُدقِّقةً وغنيةً في بابِها. من مؤلَّفاتِه: «الغزالي»، و«شَخْصيات صوفية»، و«من أعلامِ التصوُّفِ الإسلامي»، و«الحسين بن منصور الحلَّاج شهيدُ التصوُّف الإسلامي»، و«رابعة العدويَّة والحياةُ الرُّوحيةُ في الإسلام»، و«مُحيي الدين بن عربي»، و«أبو عبيدة بن الجراح»، و«الشعرانيُّ والتصوُّفُ الإسلامي»، و«دولةُ القرآن»، و«خديجةُ زوجةُ الرسول»، و«جمال عبد الناصر: رجلٌ غيَّرَ وجهَ التاريخ»، و«أبو القاسم الشابي: شاعرُ الشبابِ والحرية». تُوفِّيَ بالقاهرةِ عامَ ١٩٦٢م.