عبر سلسلةٍ من الكتب تحت عنوان «تاريخ الأمة العربية»، يرصد «محمد أسعد طلس» أطوارًا شتَّى من الصعود والهبوط عاشتها بلاد العرب، منذ الجاهلية حتى عصر النهضة العربية الحديثة. وبين انبثاقٍ وانطلاقٍ واتساقٍ وازدهارٍ وانحلالٍ وانحدارٍ وانبعاث، يُقرأ التاريخ الماضي ليُرسَم المستقبل الآتي. في الجزء الذي بين أيدينا؛ تصل بنا الحكاية لتسرد حقبةً بلغت فيها الأمة أَوْجَها وازدهارها بعد أن كابدت الكثير؛ ألا وهي حقبة الدولة العباسية؛ فبعد أن استطاع العباسيون أن يُزيحوا «بني أمية» عن درب الخلافة، وانتقلت العاصمة من «دمشق» إلى «الكوفة» ثم «الأنبار»، شُيِّدت «بغداد» عام ١٥٨ﻫ على يد «أبي جعفر المنصور»، وصارت عاصمة الخلافة الإسلامية، وواحدةً من أكبر مدن العالم وأجملها، فشهدت أرضها على ازدهار مُبهر ميَّزها أدبًا وفنًّا وعلمًا ومعمارًا، وأخرج لنا مِن رَحِمها خير هذه الأمة على مدار ثلاثة قرون. يُفرد الكاتب هذا الجزء ليُعرفنا بكل ذلك وأكثر، مُفصلًا في أحوال دولة «بني العباس» وعهد كل أميرٍ من أمرائها، في الفترة ما بين عامَي ١٣٢ﻫ و٢٣٢ﻫ.
محمد أسعد طلس: أديب ومفكر سوري. هو «محمد أسعد عبد الوهاب مصطفى محمد طلس»، وُلد بمدينة «حلب» السورية عام ١٩١٣م، وكان والده الشيخُ «أسعد عبد الوهاب» من وجهاء المدينة، فاهتم بتعليمه وأرسله إلى «المدرسة الخسروية»، ثم سافر إلى القاهرة ليستكمل تعليمه بمدارسها، وبعدها إلى فرنسا للدراسة في «جامعة بوردو» حيث حصل على درجة الدكتوراه في الأدب، وعندما عاد انتُدِب للعمل ﺑ «المعهد الفرنسي» بدمشق، ولكنه لم يلبث أن لجأ إلى العراق مع انقلاب «الشيشكلي» على رئيس سوريا (آنذاك) «سامي الحناوي»، فعمل هناك بالتدريس في كلية الآداب ببغداد، وكتب في تلك الفترة فهرس «مخطوطات مكتبة الأوقاف»، ثم عاد أخيرًا إلى بلاده حيث عمل مديرًا لمؤسسة اللاجئين. تميَّزت كتاباته بأنها ذات نزعة إسلامية عروبية؛ حيث أمدَّ المكتبة العربية بالعديد من المؤلَّفات التي تبحث في التاريخ العربي والحضارة الإسلامية وروَّاد نهضتها، نذكر من تلك الكتب: «الآثار الإسلامية التاريخية في حلب»، و«مصر والشام في الغابر والحاضر»، و«التربية والتعليم في الإسلام» وغيرها. تُوفِّي عام ١٩٥٩م في مسقط رأسه بحلب عن ستة وأربعين عامًا.