«يتَّفق معظمُ المؤرِّخين على وضع تاريخ لأحداث سِفر يشوع لا يتجاوز عام ١٢٠٠ق.م. إلا أن مقارَنة أحداث سِفر يشوع مع أحداث هذه الفترة الانتقالية، من عصر البرونز الأخير إلى عصر الحديد، والأوضاع العامة السائدة في الشرق الأدنى القديم؛ لا تقدِّم لنا نقطةَ ارتكاز واحدة يُمكِن عندها تثبيتُ الإطار التاريخي ليشوع على الخلفية العامة لهذه الفترة.»يطرح هذا الكتاب إشكاليةَ النص التوراتي بوصفه مصدرًا تاريخيًّا، ومدى المِصداقية التاريخية للرواية التوراتية للأحداث، ويضع هذه الإشكاليةَ على طاوِلة دراسة تاريخ فلسطين؛ حيث يُفكِّكها ويَدرس أبعادَها السياسية والثقافية والنفسية، والسياقَ العام الذي كُتبت فيه. وفي نظير هذا التفكيك يقدِّم دراسةً تاريخية رصينة عن تاريخ المنطقة — خارج النَّسق الديني الذي غلَب على تاريخ المنطقة لقرونٍ طويلة — تَرتكز على نتائج التنقيب الأركيولوجي للمنطقة خلال القرن العشرين، وعلى العلوم المساعِدة؛ مثل علم الأنثروبولوجيا، وعلم السوسيولوجيا، وعلم مناخ العصور القديمة وبيئتها، وهو ما مكَّنه من صياغةِ تاريخٍ حقيقي ومستقِل عن البحث التوراتي، من خلال تتبُّعِ دورِ مملكة آرام دمشق في الحياة السياسية لكلٍّ من مَملكتَي إسرائيل ويهوذا، ومَمالك شرق الأردن.
فراس السواح: مفكِّرٌ لامع في سماء ميثولوجيا الشرق، ومؤرِّخٌ بارز في تاريخ الأديان، وفيلسوفٌ مُغامِر، وأحد أبرز المفكِّرين العرب الذين أبحروا خارج النَّسَق الديني النمطي، وقدَّم رؤيةً مُغايِرة عما هو سائدٌ من أفكار عقائدية. وُلِد في حمص عام ١٩٤١م لعائلةٍ حموية أزهرية، وعاش في فضاءٍ تنويري أتاح له أن يختار طريقَه بنفسه؛ فوالده الكاتب والصحفي «أحمد السواح»، رئيس تحرير جريدة «الفجر» السورية، وجَدُّه «نورس السواح» الذي كان شيخًا أزهريًّا درس علومَ الدين بالجامع الأزهر. درس «فراس» الاقتصادَ في جامعة دمشق، وتخرَّجَ منها عام ١٩٦٥م، ثم انتسب إلى قسم الفلسفة، ولكنه لم يُكمِل دراستَه فيه. استهوَته الميثولوجيا وتاريخ الأديان باكرًا، فكتب في الصحف والمجلات السورية منذ عام ١٩٥٨م، ونشر أبحاثَه الأولى في الآداب اللبنانية عام ١٩٦٠م. وفي عام ١٩٧٦م أصدَر كتابه التأسيسي والرصين «مُغامَرة العقل الأولى»، وأصدر عام ١٩٨٥م كتابَه الشهير «لغز عشتار: الألوهة المؤنثة وأصل الدين والأسطورة». ومنذ عام ١٩٨٦م تفرَّغ لدراسة التاريخ والأركيولوجيا والميثولوجيا وتاريخ الأديان بشكلٍ مستقل، فصدرت له الكثير من الكتب، مثل: «كنوز الأعماق: قراءة في مَلْحمة جلجامش»، و«تاريخ أورشليم»، و«مدخل إلى نصوص الشرق القديم»، و«موسوعة تاريخ الأديان»، و«الوجه الآخَر للمسيح»، و«الإنجيل برواية القرآن»، و«طريق إخوان الصفاء»، و«ألغاز الإنجيل»، و«القصص القرآني ومتوازياته التوراتية». وأصدَر في بكين بالتعاوُن مع الدكتور «تشاو تشنج كو» كتابًا باللغتَين الصينية والعربية عن الحكيم الصيني «لاو تسو». كما ساهَمَ بكتابَين باللغة الإنجليزية صدرا في بريطانيا، هما: «أورشليم بين التوراة والتاريخ»، و«جدليات إسرائيل القديمة وبناء الدولة في فلسطين». كرَّمه الحزب الشيوعي السوري، والحزب السوري القومي الاجتماعي، والجمعية التاريخية السورية، وأمانة عمان. يعمل حاليًّا أستاذًا في تاريخ أديان الشرق الأوسط بجامعة بكين للدراسات الأجنبية.