«وُفِّق إسماعيل أبو طاقية في إقامة مشروع تجاري ناجح، مع عائلته أولًا، ثم مستقلًّا عن العائلة فيما بعد، واتَّبع في سبيل ذلك أنماطًا مختلفة من العمل التجاري، وأقام عددًا من الشبكات التجارية المعقَّدة. ولكن الإبقاء على حِرفة التجارة في العائلة التي مارست الحِرفة لعدَّة أجيال مُتعاقبة، تَطلَّب وجودَ أبناء وأحفاد يَبدءون من حيث ينتهي دوره.»تَنسج «نللي حنا» من وثائق المحاكم الشرعية تاريخًا اقتصاديًّا واجتماعيًّا لفترة مهمة من تاريخ الوطن تمتدُّ إلى ثلاثة قرون، وهي فترة الحكم العثماني المباشِر لمصر؛ إذ تتَّخذ من سيرة «أبو طاقية» شاهبندر التجَّار نافذةً تُطلُّ منها على المجتمع القاهري آنذاك، فتسلِّط الضوء على الشَّوام الذين قَدِموا إلى مصر ومارسوا فيها نشاطًا تجاريًّا واسعًا سمَح لبعضهم أن يتولى أكبرَ منصب تجاري آنذاك، وهو منصب شاهبندر التجار؛ أيْ شيخ التجار، وهو بمثابة رئيس الغرفة التجارية حاليًّا. كما تُلقي الدراسة بظلالها على العائلات التجارية وعلاقاتها بالسلطة، والتحوُّلات التجارية العالمية وعلاقة تجار مصر بها، والدور الذي لعبَته تجارة البُن في تكوين الثروات وكيف سمحَت لمصر أن تتبوَّأ مكانًا مهمًّا في التجارة العالمية. هذا فضلًا عن الحياة الاجتماعية داخلَ البيوت، وطريقة إدارتها، ودَور المرأة فيها.
نللي حنا: مؤرخة مصرية معاصرة، وهي واحدة من أبرز المؤرخين المتخصصين في التاريخ العثماني. وُلدت «نللي حنا» في عام ١٩٤٢م بصعيد مصر، نشأت في القاهرة وتعلَّمت في إحدى مدارسها الإنجليزية قبل التحاقها بالجامعة الأمريكية في القاهرة؛ حيث تخصَّصت في دراسة الأدب الإنجليزي، وواصلت دراستها بعد ذلك حتى حصلت على درجة الماجستير بالولايات المتحدة الأمريكية. وبعد رجوعها إلى مصر مرة أخرى، قررت دراسة اللغة العربية وآدابها بالجامعة الأمريكية بالقاهرة، وبعد فترة وجيزة سافرت إلى فرنسا، وهناك درست التاريخ العثماني، وأنهت دراستها بحصولها على درجة الدكتوراه من جامعة إكس أون بروفانس بإشراف المؤرخ والمستشرق الفرنسي «أندريه ريمون»، وعنوان رسالتها هو: «بيوت القاهرة في القرنين السابع عشر والثامن عشر: دراسة اجتماعية معمارية». وعن مسيرتها الأكاديمية، شغلت «نللي حنا» منصب أستاذة ورئيسة قسم الحضارات العربية والإسلامية بالجامعة الأمريكية في القاهرة منذ عام ١٩٩١م حتى عام ٢٠٢١م، وكانت أيضًا أستاذة زائرة في جامعة هارفارد، وجامعة واسيدا في طوكيو. أما عن اهتماماتها العلمية، فتعمقت كثيرًا في دراسة تاريخ الحقبة العثمانية في العالم العربي ولا سيما في مصر، ورصد أحوال الطبقة الوسطى الاجتماعية والاقتصادية والثقافية في القاهرة خلال ثلاثة قرون ميلادية منذ القرن السادس عشر إلى القرن الثامن عشر، وقدَّمت للمكتبة المصرية العديد من الأعمال التاريخية الرصينة، والتي كتبتها باللغات العربية والإنجليزية والفرنسية، ومن أعمالها نذكر: «مصر أم الدنيا: قصة القاهرة في ١٣٠٠ عام»، و«تجَّار القاهرة في العصر العثماني: سيرة أبي طاقية شاهبندر التجار»، و«مصر العثمانية وظهور العالم الحديث ١٥٠٠-١٨٠٠»، و«التاريخ الحضاري لبولاق في العصرين المملوكي والعثماني».