«لبنان» زَهْرةُ بلادِ الشامِ وواسِطةُ عِقدِها؛ فاجتماعُ جَمالِ الجبالِ وطِيبِ الهواءِ ورَوْعةِ الأشجارِ والأنهار، جَعلَ مِنها لَوحةً فنيةً طبيعيةً زاهِرة. والكاتبُ «إبراهيم الأسود»، أحدُ الكُتَّابِ اللبنانيِّينَ العارِفينَ بماضِي بلادِهِم وحاضِرِها، يَأخذُنا في رِحلةٍ عبرَ هذا الكِتابِ لنَتعرَّفَ على «ذَخائِر لبنان» العامِرة، فلَم يَكتفِ الكاتبُ بذِكرِ الظَّواهرِ الجغرافيةِ للبلاد، بَلْ غاصَ في أعماقِ الطَّوائفِ الشَّهيرةِ بالبلادِ وجُذورِها وأصولِ تَسمِيتِها؛ فلَجأَ إلى مَصادرِ الطَّوائفِ نفْسِها حتَّى يَخرجَ مِن مُعادَلةِ التعصُّبِ ويَنأَى بنفْسِهِ بَعيدًا عَنِ الصِّراعِ الطَّائفي، وتَركَ لِلقارئِ حريةَ البحثِ والحُكم. وكذلك تَحدَّثَ عَنِ الأُمراءِ الحاكِمِينَ لِلبلادِ قديمًا، منذُ الأمراءِ «التنوخيِّين» إلى أمراءِ «بني سيفا الأكراد»، كَما تَطرَّقَ في جزءٍ مِن عملِهِ إلى بلادِ «سوريا» وما يتَّصلُ منها بِلبنانَ مِن قبائلَ وجبالٍ وثَقافات.
إبراهيم الأسود: شاعرٌ ومُؤرِّخ لبناني، من رجال القانون، له شِعرٌ منظوم ومُؤلَّفاتٌ عِدَّة في التاريخ، لا سيما تاريخ لبنان. وُلِد «إبراهيم بن نجم بن إلياس بن حنا الأسود» عامَ ١٨٨٥م في «برمانا» بلبنان، لأسرةٍ من الروم الأرثوذكس، وتَلقَّى تعليمَه الأوَّلِي في بلدته، ثم الْتَحقَ بالمدرسة الوطنية ببيروت، وأجاد التركية والفرنسية فضلًا عن العربية. عُيِّن الأسود مديرًا لمدرسة برمانا، ثم كاتبًا في دائرة التحقيق، وتَقدَّم في الوظائف حتى كان مُدَّعيًا عامًّا لدى محكمةِ الاستئناف ومن أعضاء مجلس الإدارة، ﻓ «قائم مقام» لقضاء الكورة عامَ ١٩١٣م. استهوَتْه الصحافة منذ صِغَره فأصدَرَ في المدرسة مع «إسكندر عمون» جريدةً أسبوعية مخطوطة باسم «لبنان»، وله نحو عشرة كُتُب مطبوعة، منها: «دليل لبنان»، و«ذخائر لبنان»، و«تنوير الأذهان في تاريخ لبنان»، و«الرحلة الإمبراطورية في الممالك العثمانية»، و«الخطابة»، بالإضافة إلى ديوان شِعره. وتُوفِّي عامَ ١٩٤٠م.