يُعَد الفتح العربي لمصر نقطةً فاصلة في تاريخ الشرق الأوسط بأَسْره؛ ولهذا السبب حرص مُؤلِّف هذا الكتاب على التدقيق في البحث عن الحقائق التاريخية دون الانحياز لأي طرف، أو تحقيقِ أيِّ غرضٍ ديني أو تاريخي؛ ليُؤلِّف بحثًا مُتكامِلًا عن تلك الحِقبة التاريخية، ووصفًا تفصيليًا لحال مصر قبل الفتح وبعده. ويستعين المؤلف بكل المصادر العربية والغربية المُمكِنة، حتى المُتناقِضة منها؛ ليكون بحثُه أولَ بحث مُفصَّل في هذا الأمر يخضع للتمحيص الشديد. وللسبب نفسه عُنِي المُترجِم بتقديم هذا الكتاب القيِّم للقارئ العربي، ليَطَّلع على التاريخ من وجهةِ نظرٍ مُحايِدة، تختلف عن الكتب النمطية السائدة التي لا تتناول فتحَ العرب لمصر إلا بصورةٍ هامشية.
ألفريد جوشو بتلر: مُؤرِّخ بريطاني، وباحثٌ في التاريخ المصري، وصاحبُ فكرةِ أول مشروع جمعية لحفظ الآثار القبطية. وُلد «بتلر» عام ١٨٥٠م بإحدى المدن الإنجليزية، تَلقى تعليمه الجامعي في جامعة أكسفورد، ووَاصَل دراستَه العليا بكلية براسنوز عام ١٨٧٧م، وحصل على درجة الدكتوراه عام ١٩٠٢م. حضر إلى مصر عام ١٨٨٠م؛ حيث استدعاه الخديوي «توفيق» لتَولِّي مهمة التدريس لأبنائه الذكور، ومكَث فيها حتى فبراير ١٨٨١م، وأثناء إقامته بمصر انكبَّ على دراسة التاريخ والآثار القبطية والإسلامية، ففُتِن بالتاريخ المصري الإسلامي والقبطي، وقد دفعه هذا الافتتان إلى العودة إليها مرةً أخرى عام ١٨٨٤م، وراح يَطَّلع على الكثير من الكتب الخاصة بالتاريخ المصري، وانهمك في البحث والتأليف. وفي عام ١٩٠٣م دعا «بتلر» إلى تأسيسِ جمعيةٍ باسم «جمعية تاريخ الآثار القبطية في مصر»، وتَولَّى رئاستها، وقد انضمَّ إليها كلٌّ من عالِم الآثار الفرنسي «جان كليدا» مُكتشِف بقايا آثار دير الأنبا «أبولو» بباويط قُرب أسيوط، وعالِم العمارة القبطية «سومرز كلارك». غير أن المشروع لم يكتمل بسبب وفاته. له العديد من المُؤلَّفات المهمة حول التاريخ المصري، أهمها: «الكنائس القبطية القديمة في مصر» وهو مَرجع مهم للغاية في تاريخ الكنائس، و«فتح العرب لمصر»، و«الحياة في البلاط الملكي المصري» الذي يَحوي الكثيرَ من تفاصيل إقامته في مصر، و«مدينة نابليون المصرية»، و«صناعة الخزف الإسلامية»، و«بحث في حقيقة المقوقس عظيم القبط». تُوفِّي «ألفريد بتلر» في ١٥ أكتوبر ١٩٣٦م عن عُمر يناهز ٨٦ عامًا.