ولستُ أرى لها وصْفًا سوى مازهيرٌقاله وكفاه فخراكأنَّ الغيبَ صوَّرها لديهفأحكم وصْفَها فرَواه شعراولو كبرى حروبِ الأرض عُدَّتْلما حُسبتْ لديها غيرَ صُغْرىكان مَقتلُ وليِّ عهد النمسا الأرشيدوق «فرانز فرديناند» وزوجته، إيذانًا بنهاية مرحلة من تاريخ البشرية العسكري والسياسي والتقني والاجتماعي، بل ربما تَخطَّى أكثرَ من ذلك ليُغيِّر مصيرَ جيلٍ بأكمله. ولم يعرف التاريخُ الإنساني (حتى تلك الفترة) حربًا ضَروسًا مثل الحرب العالمية الأولى (١٩١٤–١٩١٨م) التي راح ضحيتَها قُرابةُ عشرة ملايين إنسان. ولا شكَّ أن الشعراء هم أكثر الناس تأثرًا ببيئاتهم ومجريات الأحداث من حولهم؛ فهُم الناطقون باسم شعوبهم، والمُعبِّرون عن معاناتهم، وقد انطبعَت تلك الصفحةُ المأساوية من حياة البشرية في ذِهن المؤلِّف الذي راح يَعرض فصولها وملامحها في صورٍ شعرية رائعة.
أسعد خليل داغر: الناثر والشاعر الذي سخَّرَ كلماته من أجل الحديث عن القضايا الوطنية السامية، وهو النَّاقل والمترجم الذي نقل مؤلفات أبيه وترجمها من اللغتين الإنجليزية والفرنسية إلى العربية. وُلِدَ أسعد خليل داغر في بلدة كفر شيما بلبنان عام١٨٦٠م، وقد استهلَّ الكاتب مشواره العلمي في رحاب مدرسة «عبية العالية» بلبنان، وظلَّ يسلك سُبُله الدراسية حتى التحق بالجامعة الأمريكية في بيروت. وقد ارتقى داغر إلى أروقةٍ ومناصبَ وظيفية شَتَّى؛ فقد عَمِلَ مدرسًا في اللاذقية لسنواتٍ عديدة، ثم سافر إلى مصر، ليشغل وظيفة رئيس القلم القضائي في حكومة جنوب السودان. وقد ذخرت دوحة الميدان الشعري بما قدَّمه «داغر» من دواوين شعرية، من أبرزها: «فاجعة الفواجع»، و«تاريخ الحرب الكبرى» شعرًا، ومجموعة قصائد في نعوم شقير تحمل اسم: «نَشْرُ النَّدِّ العَطِر». كما نشر مجموعة من المقالات العلمية والاجتماعية في مجلات كبرى كالهلال والمُقْتَطَف. وقد اتسم أسلوبه بالتمَكُّن من ناصية العربية من حيث أصولها، وألفاظها، وأساليبها؛ مما أتاح له أن يتوسَّع في شعره من خلال استخدامه للغة طَيِّعَةٍ يختار ألفاظها، ومعانيها دون جَهْدٍ، أو كَدٍّ للذهن. ولا يختلف شعره عن نثره إلا في مراعاة إيقاع الأبيات. وقد وافته المنية عام ١٩٣٥م.