عبر سلسلةٍ من الكتب تحت عنوان «تاريخ الأمة العربية»؛ يرصد «محمد أسعد طلس» أطوارًا شتى من الصعود والهبوط عاشتها بلاد العرب منذ الجاهلية، حتى عصر النهضة العربية الحديثة. وبين انبثاقٍ وانطلاقٍ واتساقٍ وازدهارٍ وانحلالٍ وانحدارٍ وانبعاث، يُقرأ التاريخ الماضي ليُرسَم المستقبل الآتي. كان العصر الأُموي (٦٦٢–٧٥٠م) بدايةَ مرحلةٍ جديدة ومهمة في التاريخ الإسلامي، لِما حدث فيه من تغيُّرات جذرية بالدولة والمجتمع، وما شهدته الدولة من فِتن واضطرابات أدَّت في النهاية إلى سقوطها على أيدي العباسيين في عهد آخِر الخلفاء الأُمويين «مروان بن محمد». ومن أهم التغيُّرات تحوُّلُ نظام الحُكم إلى الملكية الوراثية دون اعتبارٍ لأمر الشورى، ونقلُ مَقر الخلافة مرتين حتى استقرَّت بدمشق، وبلوغُ الدولة أوْجَ اتساعها (من أطراف الصين شرقًا حتى جنوب فرنسا غربًا). ومن أشهر خلفائها «معاوية بن أبي سفيان» و«عبد الملك بن مروان» و«عمر بن عبد العزيز». وبعد سقوط الخلافة الأُموية في المشرق استطاع «عبد الرحمن الداخل» أن يؤسِّس مُلكًا آخَر لبني أُمية في الأندلس، التي شيَّدوا فيها حضارةً فاقت حضارة أوروبا. إن الأُمويين أصحابُ تاريخٍ يستحق أن نقفَ طويلًا أمامه.
محمد أسعد طلس: أديب ومفكر سوري. هو «محمد أسعد عبد الوهاب مصطفى محمد طلس»، وُلد بمدينة «حلب» السورية عام ١٩١٣م، وكان والده الشيخُ «أسعد عبد الوهاب» من وجهاء المدينة، فاهتم بتعليمه وأرسله إلى «المدرسة الخسروية»، ثم سافر إلى القاهرة ليستكمل تعليمه بمدارسها، وبعدها إلى فرنسا للدراسة في «جامعة بوردو» حيث حصل على درجة الدكتوراه في الأدب، وعندما عاد انتُدِب للعمل ﺑ «المعهد الفرنسي» بدمشق، ولكنه لم يلبث أن لجأ إلى العراق مع انقلاب «الشيشكلي» على رئيس سوريا (آنذاك) «سامي الحناوي»، فعمل هناك بالتدريس في كلية الآداب ببغداد، وكتب في تلك الفترة فهرس «مخطوطات مكتبة الأوقاف»، ثم عاد أخيرًا إلى بلاده حيث عمل مديرًا لمؤسسة اللاجئين. تميَّزت كتاباته بأنها ذات نزعة إسلامية عروبية؛ حيث أمدَّ المكتبة العربية بالعديد من المؤلَّفات التي تبحث في التاريخ العربي والحضارة الإسلامية وروَّاد نهضتها، نذكر من تلك الكتب: «الآثار الإسلامية التاريخية في حلب»، و«مصر والشام في الغابر والحاضر»، و«التربية والتعليم في الإسلام» وغيرها. تُوفِّي عام ١٩٥٩م في مسقط رأسه بحلب عن ستة وأربعين عامًا.