«إن أعذب ما تُحدِثه البشرية في الشِّفاه هو لفظ «الأم»، وأجمل مُناداة في الوجود هي «يا أمي». كلمةٌ صغيرة كبيرة، مملوءةٌ بالأمل والحب والانعطاف وكلِّ ما في القلب البشري من الرِّقة والحلاوة والعذوبة. الأم هي كل شيء في هذه الحياة، هي التعزيةُ في الحزن، والرجاءُ في اليأس، والقوةُ في الضَّعْف، هي يَنبوع الحُنوِّ والرأفة والشفقة والغفران.»طاف «أمين سلامة» في التراث الإنساني الأدبي والعقائدي، يبحث عمَّا قيل في المرأة؛ عن ميلادِ المرأة الأولى، عن كَينونتها، عن أسرارها، عن أَمزِجتها، وعن العلاقة بينها وبين الرجل؛ في محاوَلةٍ لفَهْمها. فتَحدَّث عن ميلاد المرأة الأولى في رواية التوراة، والرواية الإغريقية، كما سردَ أقوالَ المفكِّرين والفلاسفة والشعراء عنها، مثل «سقراط» و«شوبنهاور» والشاعر الإيطالي «دانتزيو»، وراح ينتقي خيرَ ما ذُكِر في وصفها بصفةٍ عامَّة، ووصَف بعضَ أجزاء جسمها بصفةٍ خاصَّة، ولم يَنسَ المكانةَ العُظمى التي تَفرَّدَت بها الأم، وأجملَ الاقتباسات التي قِيلت عنها. ولما كانت عفويةُ الحكمة تَخرج من أفواه البسطاء، فقد جمَع الأمثالَ العامية الخاصة بها بمختلِف اللغات ومن مختلِف الحضارات، وأفردَ جزءًا خاصًّا لنساء العرب، أَودَع فيه أروعَ القصص التي اشتُهِرت عنها.
أمين سلامة: مُترجِم وكاتب مصري، وُلد عام ١٩٢١م بالخرطوم في السودان. ترعرع في أسرةٍ تهوى العلم، وتهتم بالدراسة الأكاديمية العلمية، بينما وجَّه هو اهتمامَه إلى الدراسة الأكاديمية الأدبية. تَخرَّج «أمين سلامة» في قسم الدراسات القديمة بكلية الآداب، جامعة القاهرة، وذلك في عام ١٩٤٣م، وفي عام ١٩٤٧م حصل على شهادة الماجستير في الآداب اليونانية واللاتينية. شغل العديد من الوظائف الإدارية والعلمية؛ ففي بداية عمله كان أمينًا لغرفة النقود بالمكتبة العامة بجامعة القاهرة، ثم انتُدب للعمل بتدريس اللغة اللاتينية بكلية الآداب، جامعة القاهرة، كما كان أمينًا بقسم الجغرافيا بجامعة القاهرة حتى عام ١٩٥٤م. كذلك عمل بتدريس اللغة الإنجليزية من عام ١٩٥٥ حتى عام ١٩٥٨م، وذلك عقب التِحاقه بخدمة الحكومة السودانية، وفور انتهاء خدمته عمل مُدرسًا للغة الإنجليزية بالمدارس الأجنبية بالقاهرة، وذلك عام ١٩٦١م، كما عمل بالتدريس الأكاديمي بالجامعة الأمريكية في مصر، وبجامعات أمريكا وكندا. كان «أمين سلامة» مولعًا بدراسة التاريخ اليوناني والروماني، وكان يحب السفر كل عام إلى اليونان للبحث في مكتباتها عن المخطوطات النادرة، واستطاع عبر سنوات حياته العلمية الاطِّلاع على أمهات الكتب اليونانية والرومانية وعلى أروع ما أنتجَته هاتان الحضارتان العظيمتان من أعمالٍ مسرحية وتراجيدية وفلسفية مهمة، وقد أتقن ترجمة هذه الأعمال من لُغتها الأصلية، سواءٌ اليونانية القديمة أو اللاتينية، ومن اللغة الإنجليزية أيضًا، إلى اللغة العربية، إلى جانب تأليفه للكثير من الأعمال المهمة. أما عن أعماله المترجمة فنذكر منها: «الإلياذة»، و«الأوديسة»، و«الأساطير اليونانية والرومانية». وأما عن مؤلفاته فنذكر منها: «الذات واللذات»، و«اليونان وشاهد عيان»، و«حياتي في رحلاتي». تُوفِّي «أمين سلامة» عام ١٩٩٨م بمحافظة القاهرة، تاركًا إرثًا علميًّا كبيرًا من المؤلفات والترجمات التي تُثري وتُعزِّز مكتباتنا وثقافتنا العربية.