في هذا العمل الثَّري المثير، يَستخدم المُؤلِّف مصطلحَ «تقنية» استخدامًا غيرَ مألوف ومختلفًا عن استخدامه حديثًا في تسمية الاختراعات الحديثة؛ إذ يُسمِّي به ثمانيةً من أقدم الاكتشافات التي حَررت البشرَ — طَوال تاريخهم الممتد لخمسة ملايين عام على الأرض — من القيود المُسيطِرة على جميع الكائنات الحية الأخرى. يَتتبَّع المُؤلِّف تَطوُّر أسلافنا الأوائل، الذي بدأ باختراع أدوات بدائية، وتسخير النار، ثم استخدام الملابس وبناء المساكن، وما تلا ذلك من ظهور التواصُل بالرموز، ثم نشأة الزراعة، وتَطوُّر وسائل التواصل بين البشر، واستحداث تقنية الآلات الدقيقة التي أدَّت في نهاية الأمر إلى ثورةِ تقنيةِ المعلومات الرقمية. ولا يغيب عن الكاتب في الفصل الأخير أن يَذكر المساوئَ التي واكبَت التطوُّر المستمر للإنسان، وعاقبةَ ذلك التطوُّر على الكوكب. ويَستخدم المُؤلِّف طَوال الكتاب الأدلةَ التي ساقتها الأبحاثُ العلمية في مجالات علم الإنسان، وعلم الآثار، وعلم الحفريات، لدعم فرضيَّاته بأسلوبٍ مُشوِّق؛ مما يجعل قراءةَ هذا الكتاب ضرورةً للمهتمين بموضوع تَطوُّر البشر؛ ذلك الموضوع المثير دائمًا للجدل.
ريتشارد إل كوريير: مُؤلِّف أمريكي، وأستاذ علم الإنسان بجامعة مينيسوتا. درس اللغات الشرقية، ثم تَخصَّص في علم الإنسان حتى حصل على درجة الدكتوراه في علم تاريخ الإنسان الاجتماعي والثقافي.