عبر سلسلةٍ من الكتب تحت عنوان «تاريخ الأمة العربية»؛ يرصد «محمد أسعد طلس» أطوارًا شتى من الصعود والهبوط عاشتها بلاد العرب منذ الجاهلية، حتى عصر النهضة العربية الحديثة. وبين انبثاقٍ وانطلاقٍ واتساقٍ وازدهارٍ وانحلالٍ وانحدارٍ وانبعاث، يُقرأ التاريخ الماضي ليُرسَم المستقبل الآتي. بعد أن مرَّت الأُمة العربية بأفضل حِقَبها، وتمكَّنت من الريادة والسيادة لعقود، جاءت سطوةُ النفوذ ومُغرِيات السُّلطة لتَقصم ظهرها وتُشتت شملها، وبدأت مظاهر الضعف تدبُّ في أوصالها. وإن الدارس للتاريخ العباسي في الفترة ما بين عامَي ٢٣٢ﻫ و٣٢٠ﻫ، سيدرك الكثير عما تلا تلك الفترة وما ترتَّب عليها؛ فقد استكثر الخلفاءُ من الأتراك وقرَّبوهم إليهم، وقويت شوكةُ الوزراء والأمراء، وصارت الدولة فريسةً لمطامع الطامعين؛ مما أوهن الخلافة ويَسَّر الاستقلالَ عنها، فاشتدَّ التناحُر على الأقطار والأمصار، وظهرت الدُّويلات، وقُسِّمت تَرِكة الحكم، حتى صار الخليفة ظِلًّا لا حقيقةَ له؛ نُزعَت سُلطاته وزُعزعت هيبته إلى أن انتهى دوره. يُفرِد الكاتب هذا الجزءَ لدراسةِ كل ذلك وأكثر، مُفصِّلًا أحوالَ الدولة العباسية منذ بداية انحلالها وحتى السقوط، وذلك في الفترة ما بين عامَي ٢٣٢ﻫ و٦٥٦ﻫ.
محمد أسعد طلس: أديب ومفكر سوري. هو «محمد أسعد عبد الوهاب مصطفى محمد طلس»، وُلد بمدينة «حلب» السورية عام ١٩١٣م، وكان والده الشيخُ «أسعد عبد الوهاب» من وجهاء المدينة، فاهتم بتعليمه وأرسله إلى «المدرسة الخسروية»، ثم سافر إلى القاهرة ليستكمل تعليمه بمدارسها، وبعدها إلى فرنسا للدراسة في «جامعة بوردو» حيث حصل على درجة الدكتوراه في الأدب، وعندما عاد انتُدِب للعمل ﺑ «المعهد الفرنسي» بدمشق، ولكنه لم يلبث أن لجأ إلى العراق مع انقلاب «الشيشكلي» على رئيس سوريا (آنذاك) «سامي الحناوي»، فعمل هناك بالتدريس في كلية الآداب ببغداد، وكتب في تلك الفترة فهرس «مخطوطات مكتبة الأوقاف»، ثم عاد أخيرًا إلى بلاده حيث عمل مديرًا لمؤسسة اللاجئين. تميَّزت كتاباته بأنها ذات نزعة إسلامية عروبية؛ حيث أمدَّ المكتبة العربية بالعديد من المؤلَّفات التي تبحث في التاريخ العربي والحضارة الإسلامية وروَّاد نهضتها، نذكر من تلك الكتب: «الآثار الإسلامية التاريخية في حلب»، و«مصر والشام في الغابر والحاضر»، و«التربية والتعليم في الإسلام» وغيرها. تُوفِّي عام ١٩٥٩م في مسقط رأسه بحلب عن ستة وأربعين عامًا.