«إن فكرة الاضمحلال هي في واقع الأمر نظرية عن طبيعة ومعنى الزمن، وكذلك أيضًا فكرة التقدُّم، كما أن مفهوم التاريخ كتقدُّم أصبح اليومَ في موضع الشك، بالنسبة للمثقَّفين، وللمؤرِّخين خاصة، فقد أصبحوا يناقشون أصولَ وتاريخ «فكرة التقدُّم»، وكيف كانت بمثابة «أسطورة» ثقافية قوية في الفكر الغربي.»يُعالج المؤرِّخ «آرثر هيرمان» في هذا الكتاب موضوعَين متوازيَين؛ أوَّلهما: دراسة فكرة الاضمحلال في الغرب، وتتبُّع تاريخها، ورَصْد تحوُّلاتها وتغيُّراتها، وعلاقتها بالسياق الحضاري والاجتماعي والثقافي، بدايةً من الحضارة اليونانية حتى الآن. وثانيهما: تحليل الوعي بالمصير من خلال استعراض النظريات الفلسفية حول مصير الحضارات، مثل نظريات كلٍّ من «نيتشه» و«توينبي» و«سارتر» و«فوكو» وغيرهم، مع دراسةٍ للوعي الذاتي بقضايا الإنسان في عصرنا الحالي الذي ظهرَت فيه فلسفاتٌ جديدة، مثل فلسفة البيئة وفلسفة التعدُّد الثقافي. وقد قدَّم «هيرمان» في معالجته هذه تحليلًا نقديًّا لمستقبل الإنسان، ونقْدًا للصورة التي يكوِّنها الفكر الغربي عن العالَم في مرحلته الراهنة، كما ناقَش ما أُثير حول فكرة أُفول الغرب.
آرثر هيرمان: مُؤرِّخ أمريكي، ومنسِّق بَرنامج «الحضارة الغربية» في مؤسَّسة «سميثسونيان». وُلد عامَ ١٩٥٦م لأبٍ يعمل باحثًا في اللغة السنسكريتية، وأستاذًا في الفلسفة. تخرَّج من جامعة مينسوتا ١٩٧٨م، وحصل على الدكتوراه في التاريخ من جامعة جون هوبكنز عامَ ١٩٨٥م، كما حصل على العديد من المِنَح الدراسية من مؤسَّسات شهيرة مثل: «فولبرايت»، و«ميلون»، و«تشارلوت دبليو نيو كومب». يعتمد «هيرمان» في دراسته التاريخية على نظرية «الرجل العظيم»؛ وهي منهجيةٌ تاريخية ترجع إلى القرن التاسع عشر، تَنسب الأحداثَ الفردية إلى رجالٍ عظماء. قدَّم العديدَ من الدراسات الأكاديمية في مجال التاريخ الغربي، وخاصةً الاسكتلندي، ومن أبرز أعماله: «كيف اخترع الاسكتلنديون العالَم الحديث» الذي كان من أكثر الكتب مبيعًا في نيويورك تايمز، و«الكهف والنور: أفلاطون في مقابل أرسطو والنضال من أجل روح الحضارة الغربية»، و«حكم الأمواج: كيف شكَّلت البحرية البريطانية العالَم الحديث»، و«غاندي وتشرشل: التنافُس المَلْحمي الذي دمَّر إمبراطورية وشكَّل كل عصرنا» الذي وصل إلى نهائيات جائزة «بوليتسر» عامَ ٢٠٠٩ للكتاب الخيالي، و«١٩١٧م: فلاديمير لينين وودرو ويلسون والعالم الذي خلق العصر الحديث»، و«فكرة الاضمحلال في التاريخ الغربي»، وغير ذلك من الدراسات التاريخية الرصينة. حصل على جائزة «برتنجهام» عامَ ١٩٨٥م عن أطروحته للدكتوراه.