عبر سلسلةٍ من الكتب تحت عنوان «تاريخ الأمة العربية»، يرصد «محمد أسعد طلس» أطوارًا شتَّى من الصعود والهبوط عاشتها بلاد العرب، منذ الجاهلية حتى عصر النهضة العربية الحديثة. وبين انبثاقٍ وانطلاقٍ واتساقٍ وازدهارٍ وانحلالٍ وانحدارٍ وانبعاث، يُقرأ التاريخ الماضي ليُرسَم المستقبل الآتي. كانت سنوات الحكم العثماني المتأخرة وبالًا على الأمة العربية؛ حيث فَشَت المظالم وساد الاستبداد وغرقَت البلاد في ظُلمات الجهل والفساد، ولكن إرهاصات البعث الحضاري كانت تلمع من آنٍ لآخر؛ ففي مصر يُولِّي المصريون «محمد علي باشا» حُكم البلاد، فيُؤسِّس دولة حديثة قوية تنسلخ عن السلطنة العثمانية، وتُهدِّد عاصمتَها أيضًا. كذلك تَظهر حركة إصلاح ديني واسعة ببلاد الحجاز على يد الشيخ «محمد بن عبد الوهاب». كما تتألف جمعياتٌ عربية سِرية تُقاوِم الحُكم العثماني، وتَشغل الوعي القومي، وتُبشِّر بكيانٍ عربي جامع، فيتصاعد الصراع بين العرب والدولة العثمانية إلى أن يَصل إلى ذُروته مع قيام «الثورة العربية الكبرى» في الشام والحجاز؛ لتشتعلَ جذوة الحضارة في بلاد العرب من جديد، وينطلقَ جيل جديد يُؤسِّس نهضةً شاملة.
محمد أسعد طلس: أديب ومفكر سوري. هو «محمد أسعد عبد الوهاب مصطفى محمد طلس»، وُلد بمدينة «حلب» السورية عام ١٩١٣م، وكان والده الشيخُ «أسعد عبد الوهاب» من وجهاء المدينة، فاهتم بتعليمه وأرسله إلى «المدرسة الخسروية»، ثم سافر إلى القاهرة ليستكمل تعليمه بمدارسها، وبعدها إلى فرنسا للدراسة في «جامعة بوردو» حيث حصل على درجة الدكتوراه في الأدب، وعندما عاد انتُدِب للعمل ﺑ «المعهد الفرنسي» بدمشق، ولكنه لم يلبث أن لجأ إلى العراق مع انقلاب «الشيشكلي» على رئيس سوريا (آنذاك) «سامي الحناوي»، فعمل هناك بالتدريس في كلية الآداب ببغداد، وكتب في تلك الفترة فهرس «مخطوطات مكتبة الأوقاف»، ثم عاد أخيرًا إلى بلاده حيث عمل مديرًا لمؤسسة اللاجئين. تميَّزت كتاباته بأنها ذات نزعة إسلامية عروبية؛ حيث أمدَّ المكتبة العربية بالعديد من المؤلَّفات التي تبحث في التاريخ العربي والحضارة الإسلامية وروَّاد نهضتها، نذكر من تلك الكتب: «الآثار الإسلامية التاريخية في حلب»، و«مصر والشام في الغابر والحاضر»، و«التربية والتعليم في الإسلام» وغيرها. تُوفِّي عام ١٩٥٩م في مسقط رأسه بحلب عن ستة وأربعين عامًا.