يحتفل المصريون كلَّ عام بعيد جلاء آخِر جندي بريطاني عن الأراضي المصرية؛ ذلك اليوم الذي سبقته أعوامٌ من الكفاح والتضحيات والثورات المتعاقبة، بدايةً من الثورة العُرابية، ومرورًا بثورة عام ١٩١٩م، وانتهاءً بثورة ٢٣ يوليو عام ١٩٥٢م. وفي هذا الكتاب، يُقدِّم المؤلف سردًا مختصرًا عن الأحداث التي مرت بها مصر بدايةً من الاحتلال البريطاني حتى الجلاء، كما لم يَغفل عن ذكر وضعِ مصر قبل هذا الاحتلال، وعدم التكافؤ بين الطرفَين، الذي أدَّى إلى انتصار بريطانيا على الثورة العُرابية؛ وعن ذكر موقف دول العالَم المُخزِي من الاستعمار. وقد دعم المؤلف سردَه للأحداث بالخرائط التوضيحية والصور ليجعل من الكتاب مرجعًا مختصرًا متميزًا.
جمال الدين الشيال: رائدٌ مِن روَّادِ الدراساتِ التاريخية، وعَلَمٌ من أَعْلامِ الفِكرِ العربي. وُلِدَ جمال الدين الشيال في مدينةِ دمياط عامَ ١٩١١م، وحصلَ على درجةِ الليسانسِ في الآدابِ مِنَ الجامعةِ المصريةِ (جامعةِ القاهرةِ حاليًّا) عامَ ١٩٣٦م، ثم عُيِّنَ مُعيدًا بقسمِ التاريخِ في كليةِ الآدابِ بجامعةِ الإسكندريةِ عامَ ١٩٤٣م. نالَ درجةَ الماجستيرِ في التاريخِ بمرتبةِ الشرفِ الأُولى عن رِسالتِه «تاريخُ الترجمةِ في مِصرَ في النصفِ الأولِ مِنَ القرنِ التاسعَ عشَر»، وحصلَت هذه الدراسةُ على جائزةِ البحوثِ الأدبيةِ لعامِ ١٩٤٦م مِن مَجْمعِ اللغةِ العربيةِ بالقاهرة. كما نالَ الشيالُ درجةَ الدكتوراه عن رسالتِه «ابنُ واصِلٍ وكِتابُه مُفرِّجِ الكُروبِ في أخبارِ بَني أيُّوب» في عامِ ١٩٤٨م. تدرَّجَ الشيالُ في السلكِ الجامعيِّ حتى أصبحَ أستاذًا للتاريخِ الإسلاميِّ بكليةِ الآداب، ثم عميدًا لها عامَ ١٩٦٥م، وكانَ قد انتُدِبَ في مارس ١٩٦٠م مستشارًا ثقافيًّا بالسفارةِ المِصْريةِ في الرباطِ لمدةِ أربعِ سنوات. سافَرَ إلى العديدِ مِنَ الدُّولِ العربيةِ والإسلاميةِ والأوروبيةِ للمشارَكةِ في العديدِ مِنَ المُؤتمراتِ والنَّدوات. ترَكَ لنا الشيالُ العديدَ مِنَ المُؤلَّفاتِ والأبحاثِ والدراساتِ الهامَّة، مِنْها: «أعلامُ الإسكندريةِ في العصرِ الإسلامي»، و«الحركاتُ الإصلاحيةُ ومراكزُ الثقافةِ في الشرقِ الإسلاميِّ الحديث»، و«التاريخُ والمؤرِّخونَ في مِصْرَ في القرنِ التاسِعَ عشَر»، كما حقَّقَ بعضَ الكتبِ التراثية، مِنْها «النوادِرُ السلطانيةُ والمحاسِنُ اليوسفيَّة» لبهاءِ الدينِ بن شداد. منحَتْه الدولةُ جائزةَ الدولةِ التشجيعيةَ في التاريخِ عامَ ١٩٥٨م، ووِسامَ العِلمِ مِنَ الدرجةِ الأولى؛ تقديرًا لمجهودِه في تحقيقِ كتابِ «مجموعةُ الوثائقِ الفاطميَّة». تُوفِّيَ الشيال عامَ ١٩٦٧م بعدَ أنْ قَضى أكثرَ من ثلاثينَ عامًا في خدمةِ الدِّراساتِ التاريخيةِ في العالَمِ العربي.