يأتي «عبد المسيح حداد» ليُخبرنا حكاياتٍ فريدةً من حكايات مَهجَره في أمريكا؛ حيث أسَّس «الرابطة القلمية» مع رِفاقه من أدباء المهجر. الغربةُ واحدةٌ من أعظم التجارب التي يكتسب فيها الإنسان خبراتٍ حياتية استثنائية، وقد قرَّر الشاعر والكاتب «عبد المسيح حداد» مَنحَنا خلاصةَ خبرته في النصف الأول من القرن العشرين، عاكسًا أحوالَ الجالية السورية في أمريكا آنذاك، ساردًا الحكايات ذاتيةً وجماعية؛ لنرى كيف تَمكَّن المهاجرون من التكيُّف مع ظروف المعيشة في «بوسطن»، وكيف تَغلَّبوا على شعور الوَحشة والغُربة، ويَصِف لنا كذلك شوارعَ أمريكا ومَعالمها البارزة؛ والطريقةَ التي صَنعَت بها الغربةُ الأصدقاءَ وقرَّبت بعضَهم إلى بعض. نتعرَّف أيضًا على أجواء تأسيس جريدة «السائح» التي صَدرت باللغة العربية عام ١٩١٢م، وكانت لسانَ «الرابطة القلمية» التي أنشأها «حداد» مع عددٍ من أدباء المهجر؛ من أبرزهم: «جبران خليل جبران»، و«ميخائيل نعيمة»، و«نسيب عريضة».
عبد المسيح حداد: أديب وصحفي سوري بارز من أدباء المهجر. ولد عبد المسيح رشيد حداد في مدينة «حمص» السورية سنة ١٨٨٨م لأسرة مسيحية، وتلقى علومه الابتدائية ﺑ «المدرسة الأرثوذكسية» ثم انتقل إلى مدرسة «دار المعلمين» الروسية بمدينة «الناصرة»، وتخرَّج فيها ثم عاد إلى «حمص»، حيث تابع دراسته في «المدرسة الإنجيلية» ودرس اللغة الإنجليزية على يد الأستاذ «خليل الخوري». عمل حداد لفترة قصيرة بتدريس اللغة الإنجليزية بمدارس «حمص»، ثم هاجر إلى الولايات المتحدة سنة ١٩٠٧م، حيث التحق بشقيقته «ندرة حداد» التي كانت قد سبقته إلى هناك. وقد أصدر حداد هناك «جريدة السائح» الشهيرة باللغة العربية التي أصبحت بعد ذلك لسان «الرابطة القلمية» التي أسسها ١٩٢٠م في «نيويورك»، وضمت العديد من كبار أدباء المهجر آنذاك، وكانت تهدف للتعريف باللغة العربية وآدابها وكذلك التواصل بين أدباء المهجر. لحداد مؤلفات أدبية واجتماعية متعدِّدة، منها: «حكايات المهجر» و«انطباعات مغترب» بالإضافة إلى مقالاته الافتتاحية الرائعة التي كان يكتبها ﻟ «جريدة السائح» طيلة سبعة وأربعين عامًا في مختلف شئون الأدب والنقد والسياسـة والاجتماع. توفي حداد في سنة ١٩٦٣م ودفن في « نيويورك» بعيدًا عن وطنه.