ليس الملوك كما يظنُّ الكثيرون أُنَاسًا جامدين، فهُم بشرٌ يطرأُ عليهم ما يطرأ على غيرهم من مشاعر نفسيةٍ وحِسيَّة، وإذا تحدَّثنا عن الغرام فالملوك فيه سلاطين، أو قُل إن شئت: إن الغرام سلطان عليهم، حَكَم عليهم بترك المُلك فتركوه، وترك البلاد والهجرة فرحلوا، وترك الأهل والمال فزهدوا. يقفون على بابه يلتمسون ساعة يبتعدون فيها عن شئون المُلك والسياسة، ساعة يُنادون فيها بأسمائهم لا ألقابهم، غير أنه في بعض الأحيان يجعلهم يقسون؛ فيقتلون وينتقمون، ويتآمرون ويخونون. وكله بفعل الغرام ولأجله. والكتاب «غرام المُلوك» يُطلعنا على عدد من قصص الملوك الغرامية ومغامراتهم بين رَدْهات القصور مع من أحبوا وهاموا بهنَّ عشقًا، فخرجوا بإرادتهم عن درب المُلُوك وسجياتهم إلى جنون العُشَّاق وشُرودهم.
فرج جبران: كاتِبٌ وصَحَافيٌّ ومُتَرجِم، كانَ يَعمَلُ مَوظَّفًا حُكُومِيًّا في دِيوانِ المُحاسَبةِ بالقاهِرة، ولكِنَّهُ كانَ يَهوَى الصَّحافةَ والأَدَب. اشتَرَكَ فرج جبران في إِصْدارِ مَجلَّةِ «الشُّعلَة» معَ «محمد علي حماد»، واشترَكَ في تَحْريرِ «آخِر سَاعَة» مُنْذُ نَشْأتِها، وتَرجَمَ كَثِيرًا مِنَ القِصَصِ والرِّواياتِ عَنِ اللُّغَةِ الفَرَنسيَّة، ثُمَّ اتَّجهَ بعْدَ الحرْبِ العالَميَّةِ الثانِيةِ إِلى الرِّحلاتِ والكِتابةِ عَنِ الطَّرائِفِ والغَرائِبِ فِي البِلَادِ الَّتي يَزُورُها، حتَّى لقِيَ حَتْفَه فِي إِحْدى الطَّائِراتِ بعْدَ إِقْلاعِها مِن إيطاليا فِي طَرِيقِها إِلى القاهِرةِ عامَ ١٩٦٠م؛ حيْثُ اخْتَفتِ الطَّائِرةُ فوْقَ البَحْرِ الأَبْيضِ المُتوسِّطِ ولَمْ يُعثَرْ لَها أَوْ لِرُكَّابِها عَلى أَثَر. تَرَكَ جبران مُؤلَّفاتٍ ومُترجَماتٍ عِدَّة، مِن بَيْنِها: «غَرَام المُلُوك»، و«تَعالَ مَعِي إِلى أُورُوبا»، و«ابْن بَطُّوطةِ الثَّانِي»، وغَيْرُها. وقَدْ كانَتْ وَظِيفتُه الحُكوميَّةُ تُلزِمُه بعَدمِ التَّوْقِيعِ باسْمِهِ فِي بَعْضِ الأَحْيان، فاخْتارَ لنَفسِهِ اسْمًا مُسْتعارًا هُوَ «فَجْر»؛ وهُوَ مُشتَقٌّ مِن اسْمِهِ الكامِل.