«مصر عَلَم يقف على ساريةٍ شاهقة متينة .. مصر أشهرُ من نارٍ على عَلَم .. مصر قبَسٌ ونور .. مصر تُعلِّم مَن لا يتعلَّم .. تُعلِّمه الأخلاق والصبر والإيمان، والجَلَد والصمود، والقناعة والرضا والأمل.مصر نور الشمس في وضَح النهار .. مصر نور لا يخبو ضوءُه، ومشعلٌ لا تنطفئ جَذْوته، ومَنارةٌ دائمةُ الإضاءةِ إلى الأبد.»سطَّر «أمين سلامة» بين دفتَي هذا الكتاب قصيدةَ عشقٍ في حبِّ وطنه مصر، متنقِّلًا بين صفحاتِ تاريخها الذي أنار بشمسه الحضارات الأولى، مصر التي ظلَّت طوالَ فتراتِ تاريخها متوقِّدةً وهَّاجةً تنير الدروبَ للحضارة الإنسانية، مصر المحتضَن الدائم لنهر النيل؛ شَريانِ الحياة الذي يتدفَّق في رشاقةٍ من الجنوب حتى أقصى الشمال. كما أشاد المؤلِّف بطاقاتِ مصر البشرية، جاعلًا من الإرادة وقودَ النهضة في الماضي، ومؤكِّدًا أنها ستظل هكذا في الحاضر والمستقبل. وقد عبَّر عن كل هذا بعاطفة جيَّاشة، فجاءت كلماته مليئةً بالصدق والشاعرية تَلقى هوًى في نفس كل مصري.
أمين سلامة: مُترجِم وكاتب مصري، وُلد عام ١٩٢١م بالخرطوم في السودان. ترعرع في أسرةٍ تهوى العلم، وتهتم بالدراسة الأكاديمية العلمية، بينما وجَّه هو اهتمامَه إلى الدراسة الأكاديمية الأدبية. تَخرَّج «أمين سلامة» في قسم الدراسات القديمة بكلية الآداب، جامعة القاهرة، وذلك في عام ١٩٤٣م، وفي عام ١٩٤٧م حصل على شهادة الماجستير في الآداب اليونانية واللاتينية. شغل العديد من الوظائف الإدارية والعلمية؛ ففي بداية عمله كان أمينًا لغرفة النقود بالمكتبة العامة بجامعة القاهرة، ثم انتُدب للعمل بتدريس اللغة اللاتينية بكلية الآداب، جامعة القاهرة، كما كان أمينًا بقسم الجغرافيا بجامعة القاهرة حتى عام ١٩٥٤م. كذلك عمل بتدريس اللغة الإنجليزية من عام ١٩٥٥ حتى عام ١٩٥٨م، وذلك عقب التِحاقه بخدمة الحكومة السودانية، وفور انتهاء خدمته عمل مُدرسًا للغة الإنجليزية بالمدارس الأجنبية بالقاهرة، وذلك عام ١٩٦١م، كما عمل بالتدريس الأكاديمي بالجامعة الأمريكية في مصر، وبجامعات أمريكا وكندا. كان «أمين سلامة» مولعًا بدراسة التاريخ اليوناني والروماني، وكان يحب السفر كل عام إلى اليونان للبحث في مكتباتها عن المخطوطات النادرة، واستطاع عبر سنوات حياته العلمية الاطِّلاع على أمهات الكتب اليونانية والرومانية وعلى أروع ما أنتجَته هاتان الحضارتان العظيمتان من أعمالٍ مسرحية وتراجيدية وفلسفية مهمة، وقد أتقن ترجمة هذه الأعمال من لُغتها الأصلية، سواءٌ اليونانية القديمة أو اللاتينية، ومن اللغة الإنجليزية أيضًا، إلى اللغة العربية، إلى جانب تأليفه للكثير من الأعمال المهمة. أما عن أعماله المترجمة فنذكر منها: «الإلياذة»، و«الأوديسة»، و«الأساطير اليونانية والرومانية». وأما عن مؤلفاته فنذكر منها: «الذات واللذات»، و«اليونان وشاهد عيان»، و«حياتي في رحلاتي». تُوفِّي «أمين سلامة» عام ١٩٩٨م بمحافظة القاهرة، تاركًا إرثًا علميًّا كبيرًا من المؤلفات والترجمات التي تُثري وتُعزِّز مكتباتنا وثقافتنا العربية.