الشعر جزء لا يتجزأ من حياته، بل إن شئت قل إن الشعر والأدب هو حياته، إنه «أمين الريحاني»؛ الذي أراد أن يُعطي شعراءنا دروسًا في الشعر، تكون لهم نبراسًا يُضيء في ظلمات الطريق. فقدم لهم من الوصايا أربعًا وعشرين وصية، إن التزم الشعراء بها سار الشعر العربي في طريق الحداثة. وناقش عدة قضايا شعرية، منها مكانة الشعر في وطننا، كذلك درس الفوارق بين الفيلسوف والشاعر مؤكدًا التقاءهم، ضاربًا الأمثلة لعدد من الشعراء الفلاسفة، والفلاسفة الشعراء، وأخيرًا يناقش المؤلف عدم جدوى بعض الموضوعات الشعرية مثل البكاء والنحيب في الشعر العربي الحديث وذلك لسببين؛ الأول: أنه تقليد للشعراء القدامى، والثاني: أنه يسهل على المستعمر احتلال بلادنا. لقد كان كتابه صرخة احتجاج على الأدب الباكي الذليل، وكانت له أصداء كثيرة.
أمين الريحاني: مفكر وأديب، وروائي ومؤرخ ورحَّالة، ورسَّام كاريكاتير لبناني. يُعَد من أكابر دُعاة الإصلاح الاجتماعي وعمالقة الفكر في أواخر القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين في الوطن العربي. سُمِّي ﺑ «الريحاني» لكثرة شجر الريحان المحيط بمنزله. كتب «الريحاني» في العديد من الأجناس الأدبية، كالشعر والرواية والمقال والمسرح والسِّيَر والرحلات والنقد، كما ألَّف في العديد من الحقول المعرفية الأخرى، كالفلسفة والتاريخ والاقتصاد والاجتماع والجغرافيا، ومارَس الرسم والتمثيل. وقد كانت ﻟ «الريحاني» سِيرة نضالية لم يدَّخِر فيها جهدًا في توظيف معرفته الموسوعية ضد الاحتلال الفرنسي، والسعي نحو استقلال لبنان. وقد ظل على دَرْبه المعرفي والنضالي حتى توفَّاه الله عام ١٩٤٠م، بعد أن ترك إرثًا أدبيًّا وعلميًّا ضخمًا.