تُعدُّ «الريحانيات» صفوةَ ما قدم الأديب الكبير «أمين الريحاني»، فعلى الرغم من كونها أولَ أعماله، إلا أنها عَبَّرَت وبصدق عن شخصيته، واستحقت أن تحمل اسمه. وقد دفعتْ به كثيرًا إلى الأمام، فجعلته يبدأ كبيرًا. وقد صدرت «الريحانيات» على مدار ثلاثة عشر عامًا، وقد ضمنها شعاره الشهير الذي تَبَنَّاهُ: «قلْ كلمتك وامشِ»، وشرح فيها أبرزَ آرائه الفلسفية ومبادئه الاجتماعية التي شاعت في سائر مؤلفاته لاحقًا. وبها دعوةٌ صريحة للتخلي عن العصبية الدينية. وقد أثارت «الريحانيات» جدلًا عنيفًا مع رجال الدين خاصة اليسوعيين منهم، الذين اتهموه بأنه تخلى عن روح التسامح المسيحيِّ، في حين أثنى عليها الكثيرُ من رجال عصره؛ فقد قال عنها إسماعيل صبرى: «الريحانيات من حسنات الآداب في هذا الزمن.»
أمين الريحاني: مفكر وأديب، وروائي ومؤرخ ورحَّالة، ورسَّام كاريكاتير لبناني. يُعَد من أكابر دُعاة الإصلاح الاجتماعي وعمالقة الفكر في أواخر القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين في الوطن العربي. سُمِّي ﺑ «الريحاني» لكثرة شجر الريحان المحيط بمنزله. كتب «الريحاني» في العديد من الأجناس الأدبية، كالشعر والرواية والمقال والمسرح والسِّيَر والرحلات والنقد، كما ألَّف في العديد من الحقول المعرفية الأخرى، كالفلسفة والتاريخ والاقتصاد والاجتماع والجغرافيا، ومارَس الرسم والتمثيل. وقد كانت ﻟ «الريحاني» سِيرة نضالية لم يدَّخِر فيها جهدًا في توظيف معرفته الموسوعية ضد الاحتلال الفرنسي، والسعي نحو استقلال لبنان. وقد ظل على دَرْبه المعرفي والنضالي حتى توفَّاه الله عام ١٩٤٠م، بعد أن ترك إرثًا أدبيًّا وعلميًّا ضخمًا.