«الفرق بين التفكير والتكفير فرق هائل، إن التفكير مساحةٌ من الاختلاف، مساحة للأخذ والرد، مساحة للاستماع والإنصات، ومساحة لتعديل الرأي. في التفكير ليس هناك آخَر بمعنى خصم، وعدو منبوذ، مُقصًى يُقتل؛ في التفكير هناك دائمًا مساحة للتأمُّل في أفكار الآخَر.»من خلال خمس محاضرات ألقاها «نصر أبو زيد»، في الفترة من ١٩٩٣م حتى ٢٠٠٩م، وعبر ستة حوارات أجراها خلال الفترة نفسها، يسلِّط «جمال عمر» الضوءَ على الملامح العامة لخطاب «أبو زيد» الفكري، الذي يستهله بمفهوم الدولة الدينية في الإسلام، فيُشرِّح هذا المفهوم من خلال الإجابة على سؤالَين جوهريَّين: هل هناك دولة دينية في الإسلام؟ وهل قامت في تاريخ الإسلام دولة دينية؟ ثم يعرِّج على قضية أخرى، وهي تجديد الخطاب الديني في ظل الدولة الدستورية؛ أي التي تحكم وَفقًا للدستور، وهي بالتبعية دولة قانون، لا دولة دِين؛ ومن ثَم فالدِّين فيها أمر مجتمعي خاص بالمجتمعات، وليس أمرًا سياسيًّا متعلقًا بالدولة. كما يناقش الكتاب وضعَ المثقف العربي وأشكال الضغوط التي يتعرَّض لها، سواء من قِبَل السلطة أو من ثقافة التحريم النابعة من خطابٍ متشدِّد ضيِّق الأفق.
جمال عمر: كاتب وباحث مصري، وُلد في ٢٠ نوفمبر ١٩٧٠م، في قرية بطا بمركز بنها بمحافظة القليوبية. تَدرَّج في التعليم العام حتى تَخرَّج في كلية التربية بجامعة بنها، وقد الْتَحق بعد ذلك بكلية الآداب لدراسة الفلسفة، وذلك أثناء عمله معلمًا لمدة عامٍ واحد، وفي عام ١٩٩٧م ترك مصر وانتقل للعيش في الولايات المتحدة الأمريكية. عمل «جمال عمر» منذ عام ١٩٩١م على جمعِ فكرِ الكاتب الراحل «نصر أبو زيد» وتراثِه وتسجيلاته، وقد تعاون معه في عدة أبحاث منذ عام ٢٠٠٧م، وأنشأ معه مُدوَّنة «رواق نصر أبو زيد» عام ٢٠٠٩م، واستمرت المُدوَّنة حتى وفاة «نصر أبو زيد» عام ٢٠١٠م، ومن خلال هذا التعاون استطاع «جمال عمر» تأسيسَ أرشيفٍ كبير جمَع فيه عددًا كبيرًا من كتابات «نصر أبو زيد» وتسجيلاته. أما عن مُؤلَّفاته، فنذكر منها: «مهاجر غير شرعي»، و«تغريبة»، و«مقدمة عن توتر القرآن»، و«مدرسة القاهرة في نقد التراث والأشعرية»، و«الخطاب العربي في متاهات التراث» بالإضافة إلى إعداد ودراسة لكتاب «الهداية والعرفان في تفسير القرآن بالقرآن» للكاتب «محمد أبو زيد الدمنهوري» بعد مصادرته لأكثر من قرن من الزمان.