«أبو القاسم: هو الحبُّ يا سامية يترقرق في دماء الكريم فتزداد كرمًا، ويتسرَّب إلى نفس الخبيث فتَكرُم. هو الحب، ذلك الجَمال تعتذر به الدنيا عن شرورها. هو الحب، بغيره لا حياة، وبإجدابه لا مياه. هو الحب.» يَضم هذا الكتابُ مجموعةً من النصوص التي كانت موضوعاتٍ لتمثيلياتٍ إذاعية قدَّمها الكاتب الكبير «ثروت أباظة»، ورأى أن يَضمها في كتابٍ للقراءة؛ لذا فهي أشبه بالمسرحية وإن غاب عنها الشكل المسرحي الذي يكون أمام جمهورٍ من المُتفرِّجين. وتتشابه موضوعات هذه النصوص في أن جعلَت من التاريخ العربي والإسلامي سياقًا عامًّا تدور فيه الأحداث، لكنها تنوَّعَت من حيث الأفكار؛ فكل نصٍّ يتضمن فكرةً قائمة بذاتها تحمل الكثير من الحكمة والمعاني السامية، وتُعلي من قيمة الحب، وتُبرِز الصراع الدائم بين الخير والشر. وقد اتخذ الكاتب بعض الشخصيات التاريخية لتكون فاعلًا في الأحداث، مثل: «أبو جعفر المنصور»، و«هارون الرشيد»، و«المأمون»، و«المتوكل»، و«البحتري»، وغيرها من الشخصيات ذات الأدوار المؤثِّرة في التاريخ العربي والإسلامي، التي سردها بأسلوبٍ رشيق ولُغةٍ جَزلة.
ثروت أباظة: روائيٌّ وكاتبٌ مصريٌّ مرموق، عُرِفَ بحِسِّه الوَطَني، ويَنتسبُ إلى عائلةٍ مصريةٍ عريقةٍ هي عائلةُ أباظة، وهو ابنُ السياسيِّ المصريِّ إبراهيم دسوقي أباظة. وُلِدَ «محمد ثروت إبراهيم دسوقي أباظة» بالقاهرةِ عامَ ١٩٢٧م. حصلَ على ليسانس الحقوقِ من جامعةِ فؤادٍ الأولِ عامَ ١٩٥٠م. كانتْ بدايةُ حُبِّه للقِراءةِ عندما أهداهُ والِدُه مجموعةً من مُؤلَّفاتِ الكاتبِ المصريِّ «كامل كيلاني»، ثُمَّ قرَأَ تِباعًا أعمالَ طه حُسَين، وتَوْفيق الحَكِيم، وعبَّاس العقَّاد، وأحمد شَوْقي. تعدَّدَ إنتاجُ ثروت أباظة الأدبيُّ وتنوَّعَ ليشملَ الروايةَ والقصةَ القصيرةَ والمَسْرحيَّة، إضافةً إلى ترجمتِه أكثرَ من عملٍ، وكتابةِ عدةِ بحوثٍ أدبيَّة. ارتبطَ بعَلاقاتٍ وثيقةٍ مع كُتَّابِ وأدباءِ مصرَ الكِبار؛ فقدْ قدَّمَ له عميدُ الأدبِ العربيِّ طه حُسَين روايته «هارِب من الأيام»، وأَثْنى عليهِ نجيب محفوظ حينَ قالَ عنه: إنَّ دورَهُ في الروايةِ الطويلةِ يحتاجُ إلى بحثٍ مُطوَّلٍ بعيدًا عَنِ المَذاهبِ السياسيَّة، وقالَ توفيق الحكيم له ذاتَ مرةٍ: أنا مُعجَبٌ برِواياتِكَ في الإذاعة، لدرجةِ أنَّني حينَ أقرأُ في البَرْنامجِ أنَّ لكَ رِوايةً أمكثُ في البيتِ ولا أخرُج. أثارتْ رِوايتُه «شيء من الخوف» جدَلًا واسعًا لقولِ بعضِ المقرَّبِينَ مِنَ الرئيسِ المِصريِّ الراحلِ جمال عبد الناصر إنَّها تَحملُ رمزيةً لفترةِ حُكمِه. تَقلَّدَ ثروت أباظة عدَّةَ مَناصبَ رسميةٍ من أهمِّها: رئيسُ تحريرِ مجلةِ الإذاعةِ والتلفزيونِ عامَ ١٩٧٥م، ورئيسُ اتحادِ كتَّابِ مصر، وحصل على عدة جوائز من بينها جائزةُ الدولةِ التشجيعيَّة عامَ ١٩٥٨م، ووِسامُ العلومِ والفنونِ من الطبقة الأولى، وفي عامِ ١٩٨٣م حصلَ على جائزةِ الدولةِ التقديريةِ عن مُجمَلِ أعمالِه. تُوفِّيَ ثروت أباظة عامَ ٢٠٠٢م.