فيما قد تعد أجرأ مجموعاتها القصصية حتى الآن، تصوِّر لنا أليس مونرو — سيدة فن الأقصوصة — بثقة وشجاعة ثاقبة تقلُّبات الحب والهوى، وتجسِّد مشاعر التوتر والخداع التي تتوارى تحت سطح المجتمع الدمث، والرغبات الغريبة، بل والهزلية في كثير من الأحيان، التي ينبض بها قلب الإنسان. وعن طريق سبر أغوار ما يسود الحياة في المقاطعات الكندية من صمت وتحفُّظ، تكشف القصص القصيرة الثماني التي تشتمل عليها هذه المجموعة عن صلات محكمة ومشاعر ذنب مشتركة تربط بين أكثر الأفراد شعورًا بالوحدة؛ فها هو مريض بالسكتة الدماغية يبوح بسره العميق إلى عروس شابة فيما قد يكون آخر موقف يستأمن فيه أحدًا عما يجول بخاطره، وتلك ابنة تواجه أباها بسر حياته الذي يعرفه الجميع. وفي القصة الآسرة التي تحمل اسم المجموعة تجسد لنا إحدى الممرضات المعنى الحقيقي للإيثار في رعاية مريضة محتضرة، وتزيح الستار عن الفوائد الاجتماعية للكذب. باختصار، تؤكد هذه المجموعة القصصية بما لا يدع مجالًا للشك — بتفاصيلها البراقة وشجاعتها التي لا تلين — على ما اشتهرت به مونرو؛ بأنها واحدة من أعظم كتَّاب القصة القصيرة المعاصرين.
أليس مونرو: كاتبة كندية، وُصِفتْ أعمالُها بأنها أحدثتْ ثورةً في بِنْية القصة القصيرة. وعلى مدار حياتها المهنية الحافلة، حازَتْ مونرو العديدَ من الجوائز؛ منها جائزةُ نوبل في الأدب عام ٢٠١٣م عن أعمالها باعتبارها «سيدة فن الأقصوصة الأدبي المعاصر»، وجائزةُ «مان بوكر» الدولية عام ٢٠٠٩م عن أعمالها القصصية التي ألَّفَتْها على مدار مشوارها الإبداعي. وتتميَّز قصص مونرو بأنها تستكشف الجوانبَ الإنسانية المعقَّدة بأسلوبٍ نَثْريٍّ بسيط.